إضاءة موجزة على الذكرى الـ 44 لثورة أكتوبر 

الرابع عشر من أكتوبر يوم خالد في ذاكرة ردفان وكل الجنوب، تاريخ بدأ في عام 1963 وتجدد في 2007.. يحتفظ وجدان الشعب بذكرى أكتوبر للشهيد لبوزة ورفاقه من شهداء ومناضلي حرب التحرير، لكننا اليوم نستذكر الشهداء عبدالناصر حمادة، فهمي الجعفري، محمد نصر هيثم، وشفيق هيثم حسن، الذين جددوا تضحيات أكتوبر قبل 17 عامًا من اليوم.

في العام 2007م كانت ردفان في طليعة النضال السلمي الجنوبي، الذي تصاعد بوتيرة متسارعة وتحول إلى حراك شعبي عارم، أصبحت منصة ردفان ملتقى للحركة النضالية، توافد إليها أفواج المناضلين المؤمنين بقضية الجنوب من مختلف المحافظات.

في الذكرى الرابعة والأربعين لثورة أكتوبر، كانت هناك دعوة للاحتفال بهذه المناسبة في ردفان، لكن قوات الأمن المركزي سارعت إلى احتلال ساحة ومنصة الاحتفال في مدينة الحبيلين لمنع الفعالية، ومع قرب وصول الضيوف من المحافظات، اتخذ أبناء ردفان قرارات تاريخية لمواجهة هذا التحدي.

الساعة الثانية والنصف بعد ظهر يوم السبت، 13 أكتوبر 2007، توجهوا للدخول إلى المنصة واستعادتها بصدور عارية، رغم وجود قوات مدججة بالسلاح، تقدموا بجرأة لاستعادة حقهم في إحياء ذكرى الثورة، مقدمين أربعة شهداء و 18 جريحاً في مواجهة غير متكافئة، كانت تلك اللحظة تاريخية ومفصلية، إذ كسرت حاجز الخوف وأربكت نظام صنعاء، وأشعلت ثورة.

تلك الليلة كانت المرة الأولى التي أرى فيها بوادر الحرب تتشكل في ملامح الناس، شاهدت الناس يتحركون وعيونهم تحمل مزيجاً من الغضب والشجاعة، تقاطر أبناء الجنوب من كل حدب وصوب إلى ردفان، تضامناً مع الشهداء وأسرهم، واحتفاءً بذكرى أكتوبر المجيدة.

في صباح يوم 14 أكتوبر، شهدت ساحة منصة ردفان أكبر حدث جماهيري في مرحلة النضال تلك، يتقدمهم د. ناصر الخبجي وقادة النضال السلمي آنذاك، يومها ألقى الأستاذ أحمد عمر بن فريد القسم الجنوبي الشهير "نقسم بالله العظيم ان نجعل أهدافنا من أجل الوطن، وان نعلي الوطن فوق الأحزاب، فوق المناطق، فوق الجهات، ونقسم بالله العظيم أن نجعل دم الجنوبي على الجنوبي حرام، وتخوين الجنوبي للجنوبي حرام والله على ما نقول شهيد" والذي تفاعل معه الحشد الجماهيري وقاموا بترديده، في تجسيد حقيقي لروح التصالح والتسامح والنضال وإعلاء الوطن.
مستحضرين قول الشاعر الشهيد علي ثابت القاضي
"لجئنا إلى رأس أوراسنا
وردفان أوارسنا أجمعينا
حملنا إليها سلاح القتال
نصوبه نحو مستعمرينا
قضية شعبي رفعنا مداها إلى مستوى ثورة الثائرين."

ومتغنين بقصيدة الشهيد الثائر سعيد صالح:
"ردفان نادت أن أذود
وأن أحيل الصعب سهلاً
فحملت رأسي في يدي
كي لا تصير الكف رجلاً."

اليوم، ونحن في الذكرى الحادية والستين لثورة الرابع عشر من أكتوبر، والذكرى السابعة عشرة لحادثة منصة ردفان، تزداد حاجتنا للتمسك بمبادئ الثورة وقيم التضحية والنضال، ونقلها للأجيال، وأن نضع الوطن فوق كل المصالح، وأن نستلهم من شهدائنا ومن تلك اللحظات التاريخية دروساً في التكاتف والتضحية والصمود، وتجسيد التصالح والتسامح والنضال.