لماذا زماننا صعب؟

في كثير من الجلسات مع الأصدقاء، وفي الأحاديث التي تجمعنا كأسرة واحدة، نجد أنفسنا نسأل: لماذا أصبحت الحياة بهذه الصعوبة؟ لماذا باتت الأعباء اليومية والمالية تكبلنا وتدفع بنا إلى القلق المستمر؟ ربما نجد بعض الإجابات في الواقع الاقتصادي المعاش، وأخرى قد تتعلق بنا نحن كأفراد في المجتمع.

جلست مؤخراً مع صديقي عمر في أحد المقاهي البسيطة في محافظتنا الجميلة أبين. كعادتنا، تناولنا العديد من المواضيع، لكن الحديث عن الغلاء المعيشي كان محور نقاشنا الأساسي. بدأ الحوار بعد أن تأملنا في مشهد الحياة الذي بات يثقل كاهلنا.

قلت أنا: "يا عمر، هل فكرت يوماً في السبب الحقيقي وراء صعوبة زماننا؟ كيف وصلنا إلى هذا الحد من الغلاء؟"

عمر: "الحقيقة أن الغلاء يلتهم كل شيء. من أسعار الطعام إلى الإيجارات، كل شيء ارتفع بشكل غير مسبوق. وحتى مع حبنا للوطن، كيف يمكن أن نستمر ونحن نكافح يومياً لتأمين لقمة العيش؟"

قلت لعمر : "معك حق، نحب وطننا وننتمي إليه بكل إخلاص، لكن الصعوبة تكمن في كيفية العيش بكرامة وسط هذه الظروف. التضخم في الأسعار لم يعد يُحتمل، والرواتب لم تعد تواكب المتطلبات اليومية. أحياناً أشعر بأن حياتنا أصبحت عبارة عن معركة مستمرة."

عمر: "هذا هو الحال تماماً. الغلاء بات يطغى على كل شيء. حتى الأشياء التي كنا نعتبرها بسيطة أصبحت الآن بمثابة ترف. وفي ظل الظروف الحالية، من الصعب التخطيط للمستقبل. كيف نفكر في الزواج أو تأسيس أسرة ونحن غير قادرين على تأمين احتياجاتنا الأساسية؟"

أضفت قائلاً لعمر : "المسألة ليست فقط في ارتفاع الأسعار، بل في ضعف الفرص المتاحة. الشباب اليوم يعانون من البطالة، وحتى من يجد عملاً، يجد أن الراتب لا يكفي لسد الحاجات الأساسية. نحن نعيش في وطن نحبه، ولكن الحب وحده لا يكفي لمواجهة هذه الصعوبات."

عمر: "ما يزيد الأمر تعقيداً هو أننا لا نرى حلولاً قريبة. هناك حاجة ماسة إلى إصلاحات جذرية في السياسات الاقتصادية لتحسين الأوضاع. الشباب بحاجة إلى فرص عمل حقيقية، والدخل بحاجة إلى زيادة تتناسب مع التكاليف المتزايدة. الوطن يستحق منا التضحية، لكن هذه التضحية يجب أن تقابلها حلول ملموسة."

قلت : "بالفعل، الحل لا يكمن في الصبر فقط. هناك حاجة إلى العمل على مستويات مختلفة، سواء من الحكومة أو القطاع الخاص أو حتى منظمات المجتمع المدني. يجب أن نشجع المبادرات الاقتصادية التي تستثمر في الشباب وتوفر لهم فرصاً لبدء حياتهم بشكل كريم."

عمر: "لكن إلى متى سننتظر هذه الحلول؟! الشعور بالإحباط يزداد يوماً بعد يوم. نريد أن نرى خطوات حقيقية نحو تحسين الوضع الاقتصادي، وليس فقط وعوداً لا تتحقق."

قلت لعمر : "الأمل موجود يا عمر، ولكن علينا أن نكون جزءاً من الحل. يمكننا أن نساهم، ولو بطرق بسيطة، في تحسين أوضاعنا وأوضاع مجتمعنا. حبنا لهذا الوطن يجب أن يدفعنا إلى العمل الجاد، والتفكير في حلول مبتكرة لمواجهة التحديات."
وآخيرا 
أصبح من الواضح أن زماننا يحمل في طياته تحديات كبيرة، لكن في الوقت ذاته، يحمل فرصاً للنمو والتغيير. حب الوطن هو القوة التي تدفعنا للصمود في وجه الغلاء والصعوبات. ولكن حب الوطن أيضاً يتطلب العمل الجاد لتطوير الاقتصاد وتوفير فرص حقيقية للشباب. لا يمكننا أن ننتظر التغيير، بل يجب أن نصبح جزءاً منه، وأن نعمل معاً لتخفيف العبء على مجتمعنا وتحقيق حياة كريمة للجميع.