في بلاد العور اعور عينك
كنت عصر يوم امس الجمعة في عزاء الأخ العزيز الأستاذ احمد علي الداؤودي مدير عام مديرية المنصورة في قاعة ماس في منطقة كابوتا مديرية المنصورة وذلك لتقديم التعازي له بوفاة المغفور له بإذن الله تعالى والده المناضل علي محمد الداؤودي٠
فعلاً كانت القاعة مزدحمة بالمعزيين الموجودين فيها وقد التقيت بالصهر العزيز معالي وزير الشباب والرياضة الأستاذ نايف البكري وكثير من الزملاء والأصدقاء الذين لم التقيهم من فترة طويلة بسبب الإنشغالات العملية والاسرية والبعض منهم كان مسافر خارج الجمهورية٠
المهم بحث عن مكان اجلس فيه وإذا بالصديق والزميل العزيز محمد المفلحي وكيل محافظة عدن يفسح لي بالجلوس إلى جواره وبعد التحية والسلام دار بيننا حديث حول غيابه كل هذه المدة فقال لي كنت مسافر في روسيا٠
واثناء الحديث الذي كان بيني وبين الأستاذ المفلحي جلس إلى جواري شاب من الشباب الواعدين اعرفه تماما وهو من الشباب المحترمين والجيدين وهو يعمل في جهاز امني فسلم علي بكل احترام وتحدثنا في كثير من الأمور منها اني لازلت متمسك وملتزم باللوائح والأنظمة والقوانين ولازلت من ذلك الجيل الذي لم يتنازل عن القيم والمبادئ والمثل التي تربينا عليها في مدينة عدن وصارت بالنسبة لكثير من الموجودين عبارة عن نظام قديم وغير مرغوب به من قبلهم وهي بالنسبة لهم عائق لممارسة عملهم وطموحاتهم الغير مشروعة والمخالفة للقوانين ويعتبرون كل من لازال متمسك بتلك النظم والقوانين انه متخلف لا يتماشى مع الواقع الذي فرض علينا والذي نعيش فيه اسوأ حالاتنا المعيشية والإقتصادية والإجتماعية والصحية والتعليمية والعملية والمهنية وغيرها بسبب تعطيل العمل بالقوانين واللوائح وتعليق العمل بها عمداً لأنه لا يوجد لهذا الأمر حسيب او رقيب فتضاعفت المأساة وزاد الفقر والجوع والإنفلات والسرقة والنهب والجبايات والاتاوات وانهارت العملة وضعفت القيمة الشرائية لها واصبح راتب الموظف والعامل البسيط لا يكفيه لأيام معدودة٠
اصبحت الرشوة والنفاق والمجاملة والمحسوبية والشللية والمناطقية والمصالح الشخصية هي عنوان المرحلة الحالية في المؤسسات والمرافق الحكومية التي تفتح الأبواب على مصرعيها وتفسح المجال للفساد والمفسدين وللفاشلين ان يتغلغلوا في مفاصل الدولة ومؤسساتها والنتيجة هي الإنهيار التام وضياع الموارد السيادية التي لا تورد إلى خزينة الدولة والبنك المركزي وكل جهة هي حاكمة نفسها ولا تخضع لقوانين الدولة٠
فقال لي ياستاذ احمد انا اود ان اصارحك بشيء فيك وارجوا ان لا تزعل مني و هو سبب مشاكلك وخلافك مع الأخرين الذين مش قادرين يتماشوا مع قناعاتك ومفاهيمك ومبادئك وقيمك وجديتك وحزمك وطريقة إدارتك للعمل لانها بالنسبة لهم عائق ومعرقل لحركة سيرهم وطموحاتهم ويبداون بمعارضتك وافتعال الخلاف معك مستغلين علاقتهم ببعض النافذين والمسؤولين المتواطئين معهم ويقولون عنك ماليس فيك والغرض من ذلك هو إزاحتك وابعادك عن طريقهم إلا إذا استجبت لهم وعملت وتماشيت معهم لذا اقولك هناك مثل شعبي عامي يقول إذا كنت في بلاد العور اعور عينك واعرف انك لن تقبل بهذا المثل وهذا ليس تحريض او تشجيعك للعمل بالمخالفة لمبادئك وقيمك ولكني متعاطف معك ومع ماتعاني من ظروف واقصاء وتهميش وحرمانك من حقوقك ومستحقاتك وهم يعلمون كفاءتك وخبرتك ونزاهتك ولكنها غير مرغوبة وغير مطلوبة في الوقت الحاضر وارجوا تقبل إعتذاري على صراحتي معك فأبتسمت له وقلت له لا عليك انت قلت الصراحة وقلت رأيك وانا احترم رأيك ولكني لن اعور عيني ولن اعمل إلا بما يملي علي ضميري وديني٠
#المريسي٠