ملف الهجرة.. مواجهة معقدة بين أوروبا ودول الساحل الأفريقي
تحمل خصومة دول الساحل الإفريقي مع الحكومات الغربية عواقب سلبية تتجرعها أوروبا عبر إغراقها بقوافل الهجرة غير النظامية، ما يخلق مزيدا من التوترات السياسية والاجتماعية داخل دول الاتحاد.
وفي إطار الحروب الهجينة التي برزت في الأعوام الأخيرة، تواجه المجالس العسكرية الثلاثة في النيجر ومالي وبوركينافاسو الأوروبيين بفتح المنافذ الحدودية البرية بشكل علني أمام اللاجئين الفارين من الحروب والفقر من عمق القارة السمراء.
ومنذ إلغاء النيجر قبل نحو عام لقانون صدر العام 2015 يجرم الاتجار بالمهاجرين كان قد تم توقيعه مع بروكسل، انتقل الآلاف من الأشخاص بحرية على طرق الهجرة دون خوف وتحت حماية رجال الشرطة.
عناصر إجرامية
وأكدت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس"، ازدياد ضغط الهجرة على الحدود المالية الموريتانية، الذي يغذيه مواطنو بوركينافاسو ومالي، ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة عدد المعابر غير النظامية.
ويمكن أن يوفر ذلك فرصة للعناصر الإجرامية وبعض الأفراد المرتبطين بالتنظيمات الإرهابية للاختلاط بالمهاجرين المتدفقين إلى الاتحاد الأوروبي.
وسجلت المؤسسة الأوروبية أن شبكات التهريب في هذه المنطقة أصبح لديها شركاء في جزر الكناري يدعمون المهاجرين بعد نزولهم ويساعدونهم في الوصول إلى البر الرئيسي لأوروبا.
وفي السياق، يتهم خبراء مجموعة "فاغنر"، شبه العسكرية الروسية، النشطة في مالي، بتأجيج قوافل الهجرة من خلال زيادة عدم الاستقرار والعنف في أجزاء من أفريقيا الخاضعة لسيطرتها ومن خلال نقل المهاجرين فعليا إلى الحدود ودعم المهربين.
استغلال أوروبي
ويؤكد الباحث في قضايا المهاجرين وطالبي اللجوء طارق لملوم، أن ملف الهجرة محل استغلال من الجانب الأوروبي، حيث يزعم أن الأزمة تأتي من أفريقيا.
ويعود أصل مخاوفه إلى المشاكل الحاصلة بين روسيا والاتحاد الأوروبي في ظل حرب موسكو مع الغرب.
ولفت لملوم في تصريح لـ"إرم نيوز" إلى الترويج لوقوف الروس الموجودين في القارة السمراء وراء القضية، وأنهم يقومون بتسهيل دخول هؤلاء المهاجرين من دول الساحل إلى ليبيا من خلال الحدود الشاسعة، معبرا عن اعتقاده بأن هذا الأمر مبالغ فيه.
وأوضح أن أزمة تدفقات المهاجرين إلى أوروبا منبعها أفريقيا، "لكن عادة ما يتسربون إلى ليبيا من المنافذ الجوية والبرية برحلات منتظمة وحتى عبر شركات للعمل، إذ يأتون من آسيا ويحملون جنسيات بنغالية وسورية".
انقسام أوروبي
ولمواجهة مخاطر الهجرة السرية طرأ انقسام أوروبي في بروكسل حول سياسة التعامل مع المجالس العسكرية في منطقة الساحل الأفريقي.
وترى إيطاليا أن الاستمرار في التعامل مع النيجر أمر ضروري للسيطرة على تدفق اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين عبر ليبيا.
وهي الدولة العضو الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي احتفظت بقوات خاصة في النيجر للمساعدة في تدريب القوات المحلية.
أما إسبانيا فقد حافظت على التعاون مع المجلس العسكري في مالي وحكومة موريتانيا المجاورة، ما يمثل أولوية إستراتيجية لامتصاص أسباب الهجرة.
بدوره، وقع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان اتفاقية شراكة تعاونية مع حكومة تشاد، وهي دولة تقع على مفترق طرق تهريب المهاجرين وشريك تقليدي للغرب في مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وجرى توقيع الاتفاقية بمناسبة الزيارة التي قام بها الرئيس التشادي محمد ديبي إلى بودابست في سبتمبر أيلول الماضي.
وقال أوربان: "لا يمكن وقف الهجرة من أفريقيا إلى أوروبا دون بلدان منطقة الساحل"، وللمساهمة في مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب، أذن البرلمان المجري بنشر 2023 جنديا في تشاد.
التحدي الأعظم
وكان الوزير البريطاني السابق والبرلماني، نديم الزهاوي، حذر من خطورة أزمة الهجرة غير النظامية من أفريقيا صوب السواحل الأوروبية، مذكرا بأن أوروبا لا تستطيع استقبال الملايين من اللاجئين.
وأضاف الزهاوي، وهو من أصل عراقي: "أعتقد حقا أنه في العقد المقبل أو العقدين المقبلين سيكون التحدي الأعظم للديمقراطية الغربية وأوروبا والولايات المتحدة هو الهجرة"، حسبما نقلت جريدة "تلغراف" البريطانية.