الأخلاق تنتصر دائماً

كان في وادي حضرموت، رجل صالح أقام سقاية للناس وجعلها وقفاً لله رب العالمين، "وبطبيعة الحال فأهل حضرموت أصحاب سبق في كثير من أعمال الخير التي لا تعد ولا تحصى"،وفي اليوم التالي تفأجا الناس بأن سقايتهم قد لوثها أحداً ما بالقاذورات والأوساخ. 

فاشتكوا للرجل الصالح هذا الفعل المشين، فقال لهم الرجل: لأ بأس أعيدوا ترتيبها وبنائها، فلما فعلوا ذلك تفأجا الناس في اليوم التالي، أن سقايتهم قد تلوثت مجدداً، وأخذوا يصرخون: من هذا الذي يلوث صدقة جارية للناس؟ وذهبوا للرجل الصالح مرة أخرى فقال:

للعمال أعيدوا ترتيبها، واختبئوا في الليل وانظروا من هذا الشخص، واكتموا أمره ولا تكلموه وأعطوني الخبر. 

وفي اليوم التالي جاء العمال إليه على استحياء وإحباط يقولون له: ماذا نقول لك يا سيدي؟ 

قال: ماذا؟ فقالوا له:

إن الفاعل هو ابن عمك فلان الفلاني، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، خلاص اسكتوا واكتموا أمره، ولا تحدثوا أحداً عن فعله. 

ثم قال لهم وللمرة الثالثة: أعيدوا ترتيب السقاية وبنائها، ولما جنَّ الليل ذهب يطرق بيت ابن عمه، وأخذ معه كيس من القمح، وآخر من السكر، وأخذ معه طيبا وكيسا من النقود، ثم قرع باب بيته، فقال:

من بالباب؟ 

فقال الرجل الصالح:

خويدمكم (وهي كلمة تصغير لكلمة خادم).

ولما فتح الباب وجد إن الطارق هو ابن عمه فقال له: ماذا تريد؟ 

فقال له الرجل الصالح:

جئتك يا ابن عمي معتذر لك، فأنا مقصر في حقك، فلم أزورك منذ مدة طويلة، ولم أسأل عليك، أرجوك أن تسامحني، فنحن بيننا صلة رحم، وأخذ يلاطفه، ولم يذكر له قصة تلويثه للسقاية، بل إنه أكرمه وأعطاه ما معه من الأكياس مع النقود والطيب وانصرف من عنده موقعاً في نفسه أثراً كثيراً.

ثم اجتمع بعماله وأمرهم أن ينظروا الليلة في أمر السقاية، فلما انتصف الليل أتى ابن عمه مجدداً، ولكنه هذه المرة ليس ملوثاً للسقاية، بل مبخراً إياها بالطيب الذي أعطاه ابن عمه الرجل الطيب، فإنبهر العمال من التحول العجيب الذي حصل لهذا الرجل الذي أصبح في لحظة من عدو إلى صديق.

العبرة من القصة:

  إننا إذا أردنا التخلص من المشكلات التي تواجهنا مع الآخرين، علينا أن نحسن لمن أساء إلينا، وأن لا نواجه الإساءة بالإساءة حتى تتصافى قلوبنا، فنمضي يداً بيد لعمران بيوتنا وبلادنا وسائر الأمة الإسلامية، فبالاخلاق والقيم تنتصر الأمم.

 ما احوجنا إلى الأخلاق اليوم في بلادنا، والتي فسدت فيها كثير من الأخلاق والقيم.

#_غزة _ سوف تنتصر _ بإذن الله تعالى..

يا من تسمع الأصوات وإن خفيت، وتقضي الحاجات وإن عظمت، وتجيب الدعوات وإن ثقلت، نسألك صبراً لأهل غزة لا ينفد، وقلباً لا ييأس، وجبراً لا ينكسر، اللهم هون علينا كل ضيق، ولا تحملنا ما لا نطيق!

 # طوفان _ الاقصى7/ أكتوبر/2023م نتذكره ولا ننساه.

 ~_انتظروني في الجمعة القادمة إن شاء الله، ومع قصة جديدة من قصص الماضي والحاضر..._~ 

 جمعتكم جمعة خير وبركة عليكم، وجمعة صدق ومحبة، وجمعة نصر وتمكين لإخواننا في فلسطين، وفي غزة خاصةً، وجمعة أخذ العبرة والعظة. 

 محبكم/

       د. فوزي النخعي

 8 / جمادى الأولى/1446هج.

 الموافق: 8 / نوفمبر/2024م. 

 العاصمة _ عدن