معاناة الجرحى المعاقين والإهمال المستمر (2)

يعيش الجرحى والمعاقون الذين يتلقون رواتبهم وهم في  وضعًا مأساويًا بسبب تأخير صرف رواتبهم المستحقة، في وقت يتلقون فيه الجرحى والمعاقون في المناطق المحررة الأخرى مثل حراس الجمهورية والعمالقة ودرع الوطن وقوات المجلس الأنتقالي وعدد من الوحدات العسكرية الأخرى رواتبهم في مواعيدها بشكل منتظم. هذا التأخير في صرف الرواتب يمثل أزمة حقيقية لآلاف الأسر التي تعتمد بشكل أساسي على هذه الرواتب لتلبية احتياجاتها اليومية الأساسية.

رغم أن الجرحى والمعاقين في المحافظات المحررة التابعتين للحكومة الشرعية هم من الفئات الأكثر احتياجًا وضررًا جراء التضحيات التي قدموها في سبيل الوطن، إلا أنهم يعانون من تجاهل غير مبرر في صرف حقوقهم. في حين أن باقي المناطق المحررة قد أتمت صرف الرواتب في الوقت المحدد وراتب بالريال السعودي، نجد أن الجرحى والمعاقين في مأرب يعانون من تأخير دائم، وهذا يطرح تساؤلات عدة حول أسباب هذا التأخير: هل يعود إلى مشكلة في الداوئر المالية في المحاور العسكرية ، أم أن الدائرة المالية في عدن هي المسؤولة عن هذا التأخير؟

ما يزيد من تعقيد الوضع هو أن الراتب الذي يتقاضاه الجريح أو المعاق لا يكفي لتغطية احتياجاته الأساسية، مثل الطعام، الدواء، وأدوات الحياة اليومية. في كثير من الأحيان، يتأخر الراتب لمدة شهور، ما يجعل الأسر تعيش في حالة من الفقر الشديد، ويضطر الجرحى إلى تحمل مشاق الحياة دون أي مصدر ثابت للرزق. يتعين على هؤلاء الأفراد الذين يعانون من إصابات بالغة أو إعاقات دائمة أن يواجهوا هذه الظروف الصعبة، في وقت يعانون فيه من الألم الجسدي والنفسي، ولا يجدون ما يعينهم على تلبية احتياجاتهم البسيطة.

وفي كل عام، خاصة في شهر ديسمبر، يتكرر نفس السيناريو المرير. تتأخر الرواتب بشكل دائم، مما يزيد من معاناة الأسر ويدفعها إلى حالة من القلق والتوتر. في هذه الظروف، يصبح السؤال الأكثر إلحاحًا: لماذا يتم تجاهل الجرحى والمعاقين في الجيش الوطني التابع للشرعية؟ لماذا لا يحصلون على الدعم الذي يستحقونه؟ هل المشكلة تكمن في ضعف التنسيق بين الجهات المعنية التابعة للشرعية، أم أن هناك أسبابًا إدارية ومالية تقف وراء هذا التأخير المستمر؟

الواقع الحالي يثبت أن الجرحى والمعاقين التابعتين للحكومة الشرعية لا يحتاجون إلى مجرد راتب شهري، بل إلى توفير حياة كريمة وآمنة لهم ولأسرهم. الرواتب الشهرية التي يتقاضونها لا تكفي لتغطية نفقات طفل واحد، بل إنها بالكاد توفر لهم أساسيات الحياة. ومع تأخير الرواتب، يجد هؤلاء الأفراد أنفسهم عالقين بين بين دائرتين ماليتين، ولا يحصلون على أي دعم فعلي من أي طرف.

إن الوضع الراهن يتطلب تدخلًا عاجلاً من الجهات المعنية لتحديد الأسباب الحقيقية لهذا التأخير في صرف الرواتب، والعمل على حل المشكلة بشكل سريع. يجب أن تكون هذه الفئة أولوية في صرف الحقوق المستحقة لهم، خاصة وأنهم يمثلون شريحة من الشعب قدمت الكثير من أجل الوطن، ومن غير المقبول أن يعانوا من تأخير مستمر في أبسط حقوقهم.

في الختام، إن تأخير صرف رواتب الجرحى والمعاقين ليس مجرد مشكلة مالية، بل هو تعدٍ على حقوق هؤلاء الأفراد الذين يواجهون معاناة مضاعفة جراء وضعهم الصحي. إن تحسين أوضاعهم المالية وتقديم الدعم العاجل لهم يمثل مسؤولية وطنية وإنسانية يجب على جميع المعنيين في الحكومة والمجتمع تحملها والعمل على حلها فورًا.