المغتربون
بقلم : حسين أحمد الكلدي
هؤلاء الناس الذين ينتقلون بين بقاع الأرض هم من يبحثون عن ذواتهم ويسعون لتحقيق أهداف رسموها في أعماق نفوسهم وعقولهم أرادوا تحقيق بعضها أو كلها أو أكثر منها ويضحون بحياتهم في مغامرات محفوفة بالمخاطر عبر البحار والمحيطات وعبر الصحاري والجبال والأنهار والغابات ومستنقعاتها. إنهم يضعون قلوبهم وحياتهم على أكفهم للوصول إلى تلك الآمال والطموحات في كل بقاع الأرض وأصقاعها لينهلوا من العلوم ويتزودوا بالعلوم والمعرفة ويبدعون في تحقيق النجاح في أعمالهم، ويكتشفون إمكاناتهم الدفينة العظيمة وكلما زادت المخاطرة زادوا سرعة نحو الهدف إلى آخر حياتهم وسرعان ما يتكيفون مع المحيط الذي يعيشون فيه ويطوعونه لصالح برامجهم فإما أن يكونوا مكتشفي بلدان بعيدة عن أوطانهم أو يكتشفوا قدراتهم غير العادية ويبرزوا في المجتمعات التي وصلوا إليها إنهم يعملون دائمًا على تطوير أنفسهم سواء كانوا علماء مخترعين وعظماء ومبدعين أو تجارًا بارزين فيحققون نجاحات كبيرة ويكونون ثروات ضخمة في البلدان التي يستقرون بها مما يجعلهم يخدمون أنفسهم والإنسانية وعندما نبحث عن هؤلاء في بقاع الأرض ونسأل عن إمكانياتهم حين هاجروا من بلدانهم الأصلية نجد أنهم حملوا أحلامهم وطموحاتهم فقط طيلة حياتهم فقد تحلوا بالصبر والتفاني دون كلل أو ملل وتحدوا الصعاب الكبيرة ولم يعرفوا في حياتهم المستحيل وهنا لا بد أن نخص بالذكر أوائل تجار حضرموت وأدبائهم وعلمائهم الذين جابوا بقاع الأرض من شرق آسيا إلى إفريقيا والهند والجزيرة العربية وأوروباء وأمريكا لا بد أن نتذكر حضارم إندونيسيا الذين كانوا تجارها البارزين ومناضليها العظام وسياسييها المخضرمين وحكماءها لقد أفنوا حياتهم في نشر الإسلام في كافة بلدان العالم ومنها اليوم ماليزيا سنغافورة وألارخبيل الهندي.لقد تولوا أعلى المناصب في تلك الدول وأرقى المراتب وأصبح أحفادهم ملوكًا وسلاطين ومنهم من عاد إلى أرض الوطن بثروات طائلة وكونوا سلطنات مثل سلطنة بروناي والسلطان القعيطي الذي عاد من الهند إلى حضرموت ليؤسس السلطنة القعيطية والكثيري أما من بقي في إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة فقد كان لهم الدور الأساسي في طرد الاستعمار الهولندي وتبوؤوا أعلى المناصب في الدولة ومنهم العطاس الكاف السقاف وغيرهم الكثير ممن لا يتسع المقال لذكرهم جميعًا لقد كانوا نجومًا تتلألأ في سماء تلك البلدان يملكون ثروات عظيمة منها الأراضي الشاسعة بالهكتارات وأساطيل بحرية تجارية تزيد عن 35 باخرة ضخمة تجوب البحار والمحيطات وفي إفريقيا كان لهم دور أساسي في نشر الإسلام وأظهروا ملاحم بطولية من الكفاح والصبر والحنكة الثقافية والسياسية والنجاح في التجارة تميزوا بالأخلاق والأمانة والحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم ومنهم علماء المهاجرين في كافة المجالات الذين ساهموا في بناء اقتصاديات تلك البلدان المزدهرة والمتطورة اقتصاديًا اليوم سواء في إفريقيا أو شرق آسيا أو الجزيرة العربية إن المهاجرين اليمنيين في العالم اجمع سواء في أمريكا أو أوروبا لهم دور فعال ومحوري في تلك البلدان فالعظمة لأولئك الذين لا يرضون بالواقع بديلًا مهما بدا هذا الواقع جميلًا.
22 نوفمبر 2024