القطن.. عيد التحرّر وذكرى الانعتاق

من النور والارتقاء يطوّقان المدينة .

ليل مموسق بالذكرى والأمنيات الهاربة .
  لم تكن هذه الأرض مهجورة أو عاقرا يوماً، إذ لا تزال تتفتّح على جسدها غابات من العطر والزهر والبهاء .
هُنا حيث وُشمت خُطى رجالٍ لم يغادروها يوماً ولاتزال تُردّد أسماءهم بكثيرٍ من الأنفة والشموخ والإباء . 
هنا حيث صنعت الثورة وهجها الفكري والأيدلوجي، محمولة على جسد زمنٍ لا يعرف التقهقر والانهزام . 
  هنا حيث يخيط الضوء قماطة النصر والحرّية وتاريخا ممسكا بالنهار . 
كل القوافل أناخت أسفارها مزهوّة بالمجد ورايات النصر والاخضرار . 

يسألني زمني : 
-أين أنتَ ؟
فأجيب : 
-أنا آخر الصقور التي تعافر الريح والتبلّد ، تحت شمس آفلة ، أضاجع العطش والتعب وعناد الاجتياح . 
مساءٌ قطني وارف الأخيلة يملأ الروح بالزهو والبهجة ، وكثيرٍ من الفوز والانبهار .
القطن ، مدينتي .. عوالم مسكونة بالصبر والغربة الرافلة في ثياب الرفعة والأماسي الباردة ، ممسوسة بالثرثرة وعناق الوهم والعدم .
أخطو مصحوباً بلفحات شتاء يهبط بتوءدة ، 
في انتظار الرفاق يجيئون ، مدجج بكتب وأقلام وسجّلات مجد وأغانٍ معمّدة بالنُّبل وأحلام المتعبين . 
يحملني حُلمي مشوباً بعتب وعتمة، فأقرأ فاتحة ابتهاجي بلقاء رفقة يبارك خطوهم النجوم وتحتفي بهم الأرض بفرح وانتشاء . 
شكرا للرفيقات والرفاق القادمين من جميع مدن الساحل والوادي إلى مديرية القطن للاحتفال بعيد الاستقلال الوطني والذكرى 46 لتأسيس الحزب الاشتراكي اليمني . 

إذ تهمس القطن بفرح طاغ : 
-نحن ننتمي لحزب يردد دائماً :
-لكم حق الفرح والابتهاج والحرّية والانتصار . 
وحق أن نحادث الحاضر بالأمجاد والأبطال والتاريخ والتضحيات وكيف يكون التقدّم والبناء . 
رغم الزيف والتسلّط ، والفقر الذي يمسك بأرواح البسطاء والمعدمين ، الذي أرغمنا أن نسير في صحرائه و دروبه الكالحة، أرى القطن تنام على وسائد العصور السالفة وتستعيد بهجتها وزمن النُّبلِ والكمال . 
ليس محض صدفة بل عصرا من الاندماج والالتحام الثوري المشوب بالثقة ، الموشوم على تخوم المدينة التي لا تزال ترمّم الغروب وروائح الزيف والخراب . 
من هنا وجب القول للجنوب وست محافظات  : وجب الاحتفاء بالنور والأمل المرتقب ، فاللحظة ملوّنة باذخة ، ولنخنق معاً ألوان الدجل والخرافة ، فالفجر يحدّثني بأحرف مغسولة بالشمس بتفتّق وعدٌ وعهد جديد .