التدبر في آيات القرآن الكريم وليس تفسيرها

بقلم / منصور بلعيدي

نسمع كثيراً تحذيرات المشائخ من تفسير القرآن إلا لمن لديه شروط التفسير، وهي شروط تعجيزية وضعوها كمصدات في وجه من يهوى فهم القرآن واستخلاص بعض المفاهيم من الآيات الواضحات، التي تشكل حوالي 90% من آيات القرآن. وتجاهلوا قول الله تعالى: *"أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"*، وهي آية جاءت بصيغة استنكارية لعدم تدبر القرآن.

حتى لا ينخدع الناس بالشيوخ الذين يحذرون من تفسير القرآن الكريم وفق مداركهم العقلية ومعانيه الواضح
 علينا أن ندرك أن القرآن الكريم ليس كتاب طلاسم، بل هو كتاب وضوح في أكثر آياته. 
الآيات الواضحات لا تحتاج إلى مفسر كوسيط بين القرآن والناس، مثل قوله تعالى: *"إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى"*، فهذه مثال على الآيات الواضحات. أما الآيات التي لا نستطيع فهمها، فلا بأس أن نلجأ إلى التفسير لفهمها.

لكن الشيوخ يقولون: "لا تفسروا القرآن برأيكم". وهل المفسرون فسروه برأي غيرهم؟ فكلام المفسرين هو رأيهم وفهمهم لمعاني الآيات، وقد لا يكون ذلك الفهم هو الحق دائمًا. هناك آيات يتجدد تفسيرها بتجدد الزمان وارتقاء أفهام الناس بموجب التطورات العلمية. 

والله تعالى جعل القرآن واضحًا في مجمله ليفهمه الناس، فقال إنه آيات بينات وقرآن عربي مبين. هذا يؤكد أن القرآن ليس معادلات كيميائية يمكن أن تنفجر في أي لحظة. فالله عز وجل أرحم بعباده من أن يصعب عليهم فهم القرآن.

*الحقيقة الصادمة:*
الأصل هو تدبر آيات القرآن وليس تفسيرها. حكاية تفسير القرآن التي درج العلماء على تسميتها لا تتناسب مع حقيقة ما تناولوه من تدبر لآيات القرآن لتوضيح معانيها وليس تفسيرًا. تفسير القرآن بالمعنى الحرفي للكلمة يعني نهاية العمل به، مثل تفسير الرؤى والأحلام الذي بمجرد تفسيرها انتهى العمل بها. وهذا لا يتناسب مع كلام الله تعالى المستمر في البقاء والديمومة إلى قيام الساعة.

الأصل أن نقول تدبرًا ولا نقول تفسيرًا لأننا مطالبون بالتدبر وليس بالتفسير. كما جاء في قوله تعالى: *"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا"* (سورة النساء 82)

*"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا"* (سورة محمد 24)

لم نجد آية تتحدث عن تفسير القرآن أو تأمر به، بل وجدنا استحالة التأويل (التفسير) في قوله تعالى: *"وما يعلم تأويله إلا الله"*.

*معنى التفسير:*
التفسير يعد نوعًا من الاعتداء على القرآن الكريم، مع حسن الظن بالمفسرين. لأن المفسر يدعي أن كتاب الله غامض وهو من يفك غموضه، والأصل أن كتاب الله واضح مبين في الغالب الأعم، والآيات أو الألفاظ التي تحتاج إلى توضيح قليلة جدًا. 
وكتب التفسير أدخلت روايات وإسرائيليات لا تعطي المعنى المراد بل تخالف القرآن. 
ونعلم جميعًا أن شياطين الإنس وأعداء الإسلام حريصون على تشويه الثقافة القرآنية والالتفاف عليها بثقافة روائية. 
المفسرون يبسطون الأمور مثل تفسير سورة الفاتحة بأن المغضوب عليهم هم اليهود حصراً، وأنت كمسلم مرضي عليك، وأن الضالين هم النصارى حصراً، وأنت كمسلم ممدوح. 
وهذا مجانب للصواب فالمسلم يجب أن يخشى من غضب الله عليه، كأن يقتل مؤمناً متعمداً (
 وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )سورة النساء 93
 ويجب أن يخشى من الضلالة، كأن يغوص في المعاصي ويترك العبادات كلها. ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)
وينبغي أن نعلم أن الله وصف يهوداً ونصارى ومسلمين بهذه الأوصاف، وبرّأ يهوداً ونصارى ومسلمين منها.