في خطر الأقلام المستأجرة

الكاتب ، أكان شاعرا ، أو ناثرا ، أو ناقدا ، أو أديبا جمع بين الشعر والنثر والنقد ، فهو في كل الأحوال يتحمل مسؤولية عظيمة ؛ إذ يجب عليه أن يزرع بذور الحب والمودة والإخاء بين أفراد أمته ، ولا بأس عليه أن يمتدح الأفعال الإيجابية للأمم الأخرى ، وأن يحذر في الوقت نفسه من أفعال تلك الأمم السلبية . كما يجب عليه أن ينظر للأمور بعين ثاقبة ، وبفكر عميق ، وعقل حصيف ؛ لكي يستطيع التمييز بين الغث والسمين ، وبين الطيب والخبيث ..

كذلك يجب عليه أن يسخر يراعه لتقييم المعوج في أمته ، والتحذير من السيء الذي يعود بالضرر على الفرد والمجتمع ، على الخاصة والعامة فيها ، بل يجب عليه أن يسخر قلمه لانتقاد السلب وامتداح الإيجاب ، لإبراز الطيب ورفض الخبيث ، كما عليه أن يسلط الضوء على القضايا السامية في مجتمعه ونبذ القضايا الهابطة والدخيلة ، وهذا هو الكاتب الوطني المجاهد ، الذي لايقل فعل قلمه عن فعل السيف المرابط في الثغور لخدمة أمته ..

غير أن هناك أقلاما رخيصة ، وعقولا بليدة ، وقلوبا ضعيفة  ، تقتات الفتات برحيق أقلامها المسمومة ، وتختط بأيديها المرتعشة مايدر عليها المال الحرام ؛ تنافق في قولها ، وتكذب في تدوينها ، وماعلمت أن ذلك إلى مهاوي الردى يوردها ، وفي الدرك الأسفل من جهنم يسكنها ، فهذه الأقلام المستأجرة أشد ضررا على الأمة من وقع السيوف على رقابها ، ومن غرز رماح الغدر في ظهورها ..

ولعل المجاهد بالقلم أشد وأعظم وقعا على أعداء الأمة من المجاهد بالسيف ، ألم يقل رسول الله (ص) : من أعظم الجهاد " كلمة حق في وجه سلطان جائر "