وجهة نظر بيئية في تزيين الجولات بالعشب الصناعي
شهدت تقاطعات بعض الشوارع في بلادنا تحولا ملحوظا في الفترة الأخيرة؛ حيث تم استبدال بعض المسطحات الخضراء الطبيعية بفرش العشب الصناعي. هذه الظاهرة، وإن كانت تهدف إلى إضفاء لمسة جمالية على هذه المواقع الحيوية، إلا أنها تثير تساؤلات عديدة حول أبعادها البيئية ودلالاتها على صحة الإنسان والبيئة.
ولا يمكن إنكار أن العشب الصناعي يضفي منظراً جمالياً جذاباً على الشوارع، فهو دائم الخضرة ولا يحتاج إلى صيانة مستمرة. وقد يكون أقل تكلفة في المدى القصير مقارنة بالعشب الطبيعي، حيث لا يحتاج إلى ري أو أسمدة أو مكافحة آفات.
إلا أن العشب الصناعي بيئيا يحل محل النظام البيئي الطبيعي، مما يؤدي إلى فقدان الموائل للعديد من الكائنات الحية الصغيرة، وبالتالي يؤثر على السلسلة الغذائية.
كما تصنع معظم أنواع العشب الصناعي من مواد بلاستيكية مشتقة من البترول، مما يساهم في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة. وعند هطول الأمطار، تقوم مياه الجارية بسحب الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من العشب الصناعي، مما يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية والسطحية. كما لا يسمح العشب الصناعي بتسرب مياه الأمطار إلى التربة، مما يزيد من خطر الفيضانات.
ويرى المعنيون بالبيئية أن استخدام العشب الصناعي في المساحات الخضراء العامة هو خطوة إلى الوراء، فهو يتعارض مع مبادئ الاستدامة والحفاظ على البيئة. فبدلا من أن يكون هذا النوع من التزيين حلا فهو يمثل مشكلة بيئية جديدة تتطلب معالجة عاجلة.
وللتخلص من هذه الظاهرة؛ فإنه يجب تنظيم حملات توعية واسعة النطاق لشرح فوائد المساحات الخضراء الطبيعية وأضرار العشب الصناعي على البيئة.
ويجب تشجيع استخدام النباتات المحلية التي تتكيف مع الظروف المناخية المحلية، فهي تحتاج إلى كميات أقل من الماء والصيانة.
كما يجب وضع معايير بيئية صارمة على المنتجات المستخدمة في تنسيق الحدائق، والتأكد من أنها صديقة للبيئة.
وربما يجب بحث وتطوير بدائل مستدامة للعشب الصناعي، كالعشب الصناعي المصنوع من مواد قابلة للتحلل بيولوجيا مثلا.
ومن المتوقع أن يعارض حماة البيئة بشدة استخدام العشب الصناعي في المساحات الخضراء العامة، وأن يقومون بتنظيم حملات احتجاجية للمطالبة باستبداله بالنباتات الطبيعية. كما يمكنهم تقديم مقترحات بديلة للسلطات، بهدف تحقيق التوازن بين الجوانب الجمالية والاقتصادية والبيئية.
والخلاصة أن استبدال العشب الطبيعي بالعشب الصناعي في تقاطعات الشوارع وغيرها من الأماكن هو قرار يتطلب إعادة النظر فيه، فالأبعاد البيئية لهذه الظاهرة لا يمكن تجاهلها. يجب علينا جميعاً العمل معا للحفاظ على بيئتنا، والتحول إلى ممارسات أكثر استدامة.
والله تعالى أعلم!
ودمتم سالمين!