تأملات مع استقبال عام جديد .

بقلم  / د. سعيد سالم الحرباجي

كغيري من سكان البسيطة استقبلت عاماً ميلاديأ جديداً ..
سعدت به كثيراً ، وفرحت بقدومه كقدوم المشتاق لمفارقةالأحباب.
استقبلته بروح نديَّةٍ ، وقلب متفائل ، وعقل واعٍ ، ونفس توَّاقة ، وفكر متألق ، وآمال لاااا حدود لها .

أطلقت العنان لخيالي يسيح في ملكوت السموات والأرض بلا حدود ..
   فتملكني شعور لا يُوصف بأنَّ هذا العام سيغير معالم الكون ، وأنَّ هناك أحلاماً سَتُتَحقق ،وطوحات سَتُنال ، وآمالاًسَتُدرك ،وفجرأجديدأسَيُبزغ ، وظلاماً دامساً سَيَنقشع .

تلك ثقتنا المطلقة بالله جلَّ جلاله ، وإيماننا القاطع بوعده سبحانه وتعالى الذي قال :
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}

ذلك أنَّ الباطل بلغ مداه ، وتجاوز كل الاعتبارات ، ووصل الظلم منتهاه ، وَأَغْلِقَتْ الأبواب في وجوه المظلومين...
ففوَّضوا أمرهم إلى خالقهم   ومدَّوا أياديهم إلى بارئهم ، والتجؤوا إلى مولاهم ...  فقطعوا أسباب الأرض وتعلقوا أسباب السماء.
فهم اليوم منتظرون ساعة الخلاص ، ولحظات الإجابة .

بهذه المشاعر الجياشة ، المفعمة بالأمل ، والرجاء ، والتفاؤل ، والثقة المطلقة بنصر الله ...
اسقبلت العام الجديد .
مستشرفاً قول الله تعالى:
{ وتلك الأيام نداولها بين الناس }.
فالظالمون أخذوا أيامهم ....وآن الأوان أن يأخذ المظلومون أيامهم .

فحركة الزمن ينبغي أن تحرك فينا مشاعر المغالبة ، وأن تُثير لدينا عوامل النهوض ، وأن تُهيَّج بدواخلنا مشاعر النصر والتمكين .

فالأعوام ليست زمناً يُطوى ..
ولكنها فرص تُمنح للجادَّين ، وأوقات تُتاح للمشمَّرين .
لذلك  يجب أن ندرك أنَّ حياتنا هذه ليست سُدًى ،  وأنَّ الله أجلُّ من أن يجعلها كذلك.
 فعلى المسلم أن ينتفع بمرور الزمن على خير وجهٍ وأن يسجَّل لنفسه خلوداً لا يناوشه الزمن بهرمٍ ولا بِلًى ، فهو ثروة، وهو رأس مال ،  إنه ( أنفس ما يملكه الإنسان) ولذا وجب على العاقل أن يستقبل أيامه استقبال الضنين للثروة الرائعة.

 كلُّ يوم هو خَلقٌّ جديدٌ وما سواهُ إمَّا ماضٍ قد فات، أو مستقبلٌ في حكم الغيب..
ما مضى فات والمؤل غيب **ولك اللحظة التي أنت فيها .
فالكيس من شمَّر وركل الكسل ، وودع الدعة والراحة ، واستثمر أوقاته فيما هو نافع لنفسه ، ولأمته ، ولمجتمعه .

الحياة الكريمة...  
لا تُوهب للعجزة والمتواكلين  
والتمكين لا يتأتٌى للكُسالى ، والمتثاقلين .
بقدر الكد تُكتسب المعالي * ومن طلب العُلا سهر الليالي .
ومن طلب العُلاءَ بغير كد* أضاع العمر في طلب المحال.

لأكثر من سبعة عقودأ من الزمن وأعداؤنا يعملون ليلأ ونهارأ لتعطيل طاقات أمتنا ، وأوهمونا - عبر أذنابهم - أننا عاجزون عن النهوض ، واسترداد مجدنا المسلوب ...
فترسخت تلك المفاهيم الهدامة لدى شبابنا ..
فأصيبوا بالكسل ، وابتلوا بالعجز ، وأذعنوا للإشاعات ....فكانت هذه النتيجة التي نراها اليوم ( هوان ، وذل ، وعجز ، وتخلف في جميع ميادين الحياة ،  واستباحة لمقدساتنا ، ونهب لثرواتنا ) !!

ولكن رُغم قتامة المرحلة ، ورُغم فداحة الظلم ، ورُغم شراسة العدو ، ورُغم قهر الصديق ...
إلا أنٌ خيوط نور الصبح الوضاح تلوح في الافق ، وأنٌ عتمة الليل البهيم ذاهبة للأفول .

فما أجمل أن نستقبل العام الجديد ، وكلنا أمل ، وثقة ، ويقين بأنه سيكون أفضل ، وسيكون أجمل ، وسيكون أروع .