بين عامين كليهما أمرّ من الآخر.. 

في ليلة عمياء شحيحة الضوء، يدخل عام جديد، على خطى رحلة عام قاسٍ، موحش، تلاطمت فيه الازمات ،واجرت الدموع الحمراء حتى صمت الكلام جوعاً، فلا تسمع إلا همس أصوات بطون الفقراء...

 عام غادر... غير محزونٍ عليه ولا مؤسف، لم يرحم طفلا صغيرا ولا امرأةً ضعيفةً ولا شيخا كبيراً ولا عليلا سيقيما، أشقى من أعياه وأشقاه ،ليسوق لنا عاما لا اقل منه فجعة و لا ألطف منه رحمة، ولا اشفق منه رأفة، أطواره مكررة، أحداثه مكدرة، منزوعٍ منه  بصيص ردح عيش رقيد. 

عام لا نعرف من أي باب ندخلوه و الذل،  لجته شعار مكتوب على كل عتبة، أطفالنا ونساءنا تشحت معنا نطرق الأبواب باحترام من أجل يبصقون في ايدينا ونغرق في بصقاتهم نبحث عن قمة عيش  نطفي لسعة نار جوع، خشية الموت صرعا مرة واحدة ، في سبيل الهون ان نموت كل يوم  الف إهانة و ألف مذلة وألف خضوع في لبناء مشروع من أجل إقامة مشروع. 

عام... رحل و مازالت بقاياه تلاحقنا، قتل العلم والأخلاق و العادات  والحقوق وغرس  التعصب والبطالة والجهل المقيم يسقى من مطامع الضعفاء لقادة كرام لا يضرهم من رحل ومن قدم،، ضُرِبَ بسور بين نعيمهم وما نعانيه، ينامون على سرر من ذهب يأكلون ويتمتعون بنعيم الجنة وهم في الدنيا  ما ينقصهم شي بقدر ما يضاعف ثرواتهم ... 

عام لا أعاده الله دوراً.. عام أسفر و عمّر الفاسد فيه وبنى قصورا واستعمر الأرض ظلما وزورا، عام تبختر فيه الظالم وتحلل  حتى ظن أنه ولي صالح، ثم تصدق وتبرع وحسُنَت سيرته وشهرته، و دعا يشحذ الههم الوطنية ويوعظ ويذكر ضرورة بالصبر التحلي، 

عامان كلاهما أمر من الأخر ماذا جنينا و دماءنا تسيل من سيوفنا الحمقى؟ حروب ديناصورات وآخر الليل نستمرئ مع عدونا حكايات  (بني هلال) نهز خواصرنا لنرقص من شدة الالم على طبول معركة لا ناقة لنا فيها ولا جمل....