أهكذا يُهان المعلم ؟؟؟!!!!
بقلم د. سعيد سالم الحرباجي
{كل شيء..... إلا المعلم }
بغض النظر عن القيل ، والقال ، وردود الأفعال التي أعقبت انتشار مقطع الفيديو لذلك المعلم وهو يطلق تلك الصرخات ، ويرسل تلك التأوٌّهات ، ويبعث تلك النداءات من ساحة العروض في خور مكسر.......إلا أنَّ ذلك الصوت المبحوح - المشوب بلسعة الجوع - قد هز كل ذي ضمير حي ، وآلم كل قلب ينبض بحب التعليم ، وأوجع كل نفس توَّاقة للحرية .
فلقد كانت تلك الكلمات - التي كادت أن تختنق بعبرات الأسى ، والحزن - ....لسان حال كل المعلمين ، والمعلمات الذين ما فتأؤوا يبارحون ميدان التعليم ، ويصرَّون أن يظلوا على صهوة جياد التعلم يصولون ويجولون بها في ساحات العلم ....رُغم مراراة الواقع ، ورُغم مآسي ضيق اليد ، ورُغم فداحة الأوضاع .
فبدلاً من أن تُتاح الفرصة - من ساحات الحرية- لذلك المعلم أن يرسل رسالة إلى جهات الاختصاص كي تسمع صوته لِيُعبَّر عن معاناة كل المعلمين ، والمعلمات في طول جغرافيا اليمن وعرضه .....يُجَابهُ بتلك العنجهية ، وَيُقَابلُ بذلك الاستفزاز ، الذي هز مشاعر ، ووجدان كل شرفاء المجتمع ؟؟!!
فما هكذا ترد الإبل أيَّها القوم!!!!
لقد أختزل ذلك المعلم - بتلك الكلمات التي أرسلها من ساحة الحرية في خور مكسر - أختزل كل أوجاع المعلمين ، والمعلمات ، ولخص كل مآسيهم ، وأوجز كل معاناتهم ، وتحدث بلسان حالهم .
فهذا هو حال المعلم اليوم الذي ....
يؤدي واجبه الوطني ببطن جائعة ، وحالة بائسة ، وأعين دامعة ، وهموم جانحة ..
ويغالب كل تلك الأنات بصمت ، ويداري كل تلك الأوجاع بسكوت ، وَيكْمُتُ كل تلك الآهات بهدوء .
هذا هو حال المعلم اليوم الذي لا يؤبه له أحد ، ولا يلتفت إليه أحد ، ولا يعبره أحد ..
ومن يصدق أنَّه مقابل كل جهوده التي يبذلها للحفاظ على الحد الأدنى للتعليم ....يتقاضى ( ثلاثين دولاراً ) ما يعادل ( 150) ر . س ...
في الوقت الذي يتقاضى فيه الطالب الفاشل ، الهارب من مقاعد الدراسة ( 1000ريالاً س .ع )
في الحد الأدنى !!!
هذه ورب الكعبة ...جريمة تُرتكب بحق العلم ، وكارثة تُحَدثُ بحق التعليم ، ومأساة تستمر بحق المعلم .....يَشترك فيها كل قيادات الدولة ولا عذر لأحد .
فمتى يستشعر المسؤولون الكارثة التي يمر بها التعليم في اليمن ؟؟!!!
( التعليم لا يُنتظر أيها المسؤولون ) .
هكذا نكأ ذلك المعلم هذا الجرح الغائر ، وأراد أن يخاطب قيادات الدولة بتلك اللغة المغتضبة التي تحمل دلالات عميقة .....
عَلٌَها تصل إلى مسامعهم ، وتلامس مشاعرهم ، وتوقظ ضمائرهم ، وتداعب أوتار قلوبهم ...
ومما يُسف له أنَّ هناك من أراد أن يوأد ذلك الصوت ، ويقتل تلك الصرخة ، ويسكت ذلك النداء ، وَيَخمِد ذلك التوجع ...
فلماذا كل هذا الأعتداء على المعلم ؟؟!!!
والتعليم قضية وطنية لا يختلف عليها اثنان!!
كم أتمنى أن تُحدث هذه الواقعة حراكاً وطنياً لأنقاذ التعليم الذي وصل إلى أسوأ مراحله .