عدن.. بين الغلاء الفاحش والصمت الرسمي

عدن، المدينة التي كانت يوماً ما منارة للازدهار والتعايش، تعيش اليوم واقعاً مأزوماً يتفاقم مع مرور الأيام، حيث تتوالى الأزمات الاقتصادية والمعيشية دون حلول جذرية تلوح في الأفق، مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تتزايد معاناة المواطنين الذين باتوا يواجهون ارتفاعاً جنونياً في الأسعار، وانهياراً في الخدمات الأساسية، وسط صمت رسمي يثير التساؤلات.  

 
تشهد عدن ارتفاعاً في أسعار الغاز المنزلي، حيث بات الحصول عليه مهمة شبه مستحيلة، إما بسبب ندرته أو بسبب المضاربات التي جعلت سعره يتجاوز قدرة المواطن البسيط؛ في الوقت ذاته، يشهد الوقود ارتفاعاً مستمراً، مما ينعكس سلباً على أسعار النقل والسلع الأساسية، ويدفع بالمزيد من المواطنين إلى حافة اليأس.  

أما الكهرباء، فتعيش تحت وطأة الانقطاعات المتكررة، حيث لا تكاد تمر ساعات قليلة حتى تعود المدينة إلى ظلام دامس، في مشهد يعكس حالة التردي التي طالت البنية التحتية ، المياه، بدورها، لم تكن بعيدة عن هذه الأزمة، إذ يعاني كثير من الأحياء من شح الإمدادات، ما يضيف عبئاً جديداً على كاهل المواطنين.  
 
ومع تفاقم الأوضاع الاقتصادية، باتت الأسواق تشهد ارتفاعاً جنونياً في أسعار السلع الغذائية، ما جعل كثيراً من الأسر عاجزة عن تأمين احتياجاتها الأساسية، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، الذي كان يُفترض أن يكون موسماً للرحمة والتكافل الاجتماعي.  

في المقابل، يعيش أصحاب القرار حالة من التجاهل المريب، وكأن ما يحدث لا يعنيهم أو لا يقع ضمن مسؤولياتهم، مما يطرح تساؤلات خطيرة حول مصير المدينة وسكانها، وهل سيظل الوضع على ما هو عليه دون تدخل حقيقي من الجهات المختصة؟  

في ظل هذه الأوضاع الخانقة، يظل السؤال الأبرز: هل هناك من يسعى لإيجاد حلول جذرية لهذه الأزمات المتفاقمة؟ وهل نرى في الأيام المقبلة تحركاً جاداً من قبل المسؤولين لإنقاذ المدينة من براثن التدهور الاقتصادي والمعيشي؟  

صوت الشعب في عدن يئن تحت وطأة الغلاء والأزمات، لكنه لا يجد من يسمعه، فإلى متى يستمر هذا الصمت؟ وهل آن الأوان لأن يخرج من بين أصحاب القرار من يحمل هموم الناس، وينتشل المدينة من هذا الوضع الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم؟  

إن عدن اليوم بحاجة إلى رجال دولة حقيقيين، يدركون حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ويسعون إلى إصلاح ما يمكن إصلاحه قبل أن تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة؛ فهل من رجل رشيد يستجيب لنداء المدينة وأهلها؟.