ما بين صنعاء وتعز

(أبين الآن) كتب | نبيل العوذلي
بين صنعاء وتعز في كثير من اطلالاته على المستوى الفردي والجماعي الذي يتواجد بصفته الشخصيه المعبره عبر وسائل التواصل الاجتماعي او بوجوده هنا وهناك في الاحزاب في الصحف في الهيئات حتى على مستوى الشارع على مستوى المقاهي على مستوى اللقاءات ليس له علاقه بالوطن والوطنيه وانما الموضوع بحسب خبرتي له علاقه بجذور خلاف طويل ربما يمتد الى ما قبل الاسلام عندما كان اليمنيين كلهم اهل كتاب تمام مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد من جبل انك ستقدم على قوم اهل الكتاب قوم اهل اليمن كانوا على دين التوراه بالشكل الاكبر والانجيل
فاهل اليمن لم يكونوا مشركين يعبدون الاصنام بل كانوا على دين الاسلام التوراتي والانجيلي لانه كان يمثل الاسلام قبل مجيء النبي صلى الله عليه وسلم ثم اعتنقوا الاسلام وهذه صفه جميله ورائعه في اهل اليمن
اذا قرات كتاب تاريخ اليمن العلامه الزيدي الواسعي ستجده يقدم لك تاريخ اليمن من زاويه معينه زاويه العدنانيه المذهبيه السلاليه واذا قرات كتاب تاريخ اليمن لا اتذكر من هو الكاتب وانما من تعز ستجد انه يقدم لك تاريخ اليمن من الزاويه القحطانيه البعيده جدا عن عدنانيه المذهبيه والسلالية
ابناء المناطق الجبليه بشكل عام في اليمن شمالا او جنوبا او في اي مكان تشكلت قناعتهم وثوابتهم الثقافيه والاجتماعيه وانعكست على سياساتهم وسلوكهم وتحالفاتهم وعلاقاتهم واهدافهم وطموحهم من منطلقات تلك البيئه الجبليه التي تبدا من مشك عندما تصعد وتنزل لا تستطيع ان تنظر الى المدى الافق البعيد لانه يجب ان تنظر فقط الى مستوى حركه قدمك هكذا تفرض عليك احوال المناطق الجبليه ولانها مناطق ليست سهليه وواسعه وبالكاد يجد الواحد المساحه الواسعه لاسرته وقبيلته وقريته وحتى على مستوى بيته وارضاه الزراعيه وشق الطرق وبناء المصالح المتصله بالتنميه المتعلقه بحياته ونشاطه وعلاقاته تجد ذلك الاثر جليا في نزعه ابناء المناطق الجبليه دائما في التسلط والسيطره على السلطه والثروه والتعصب الاجتماعي الاسري والقبلي والمناطق فيما بينهم البين حيثما يتواجدون المبني على التخادم لتحقيق تلك السيطره والنفوذ والاستيطان والاستعمار فهم ليسوا مثل ابناء المناطق السهليه الكبيره والواسعه حتى من اسمها السهليه من السهولة التي يجد الشخص فيها على مستوى الفرد والجماعه الاراضي الواسعه حوله والامكانات السهله والاسباب السهله لبناء مجتمعه وتنميته وعلاقاته كل ذلك ينعكس على ثقافته واعرافه وبالتالي كما هو اليوم مواقف السياسيه واراءه على المستوى الوطني والقومي وقليله من ينجح في تجاوز هذه العقد والحواجز فيتجرد منها وتصبح خلف ظهره لصالح المفهوم الصحيح والسليم للوطن والوطنيه والقوميه والاعراف والعلاقات والتحالفات والمواقف والسياسات والصداقات والعداءات
هذا الشيء لا ينطبق على صنعاء وتعز فقط وانما كذلك على ابناء المناطق الجبليه في الجنوب مثل يافع والضالع
الخلاف بين صنعاء وتعز جذوره من قبل الاسلام عندما كان اليمنيون اهل كتاب وواضح انه من منطلقاته البيئيه والنفسيه والفكريه والعقليه تحول الى شكل من اشكال المذهبيه الدينيه التوراتيه والانجيليه تماما مثل ما تجد بني اسرائيل فمنظري الاشتراكيه والماركسيه هم يهود ماركس وانجلز وغيرهم ومنظري الراسماليه الغربيه الاستعماريه كذلك يهود والصراع بينهم قوي جدا جدا وهم من نفس الجذور العرقيه نفس الشيء تماما حاصل عندنا في اليمن فلا تستغرب الخلاف الذي بين روسيا وامريكا المنطلق من جذوره الفكريه والنظريه البيئيه والفلسفيه لاصول عرقيه قد تكون واحدة
هذا الشيء يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم عندما يقول لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبرا وذراعا بدرعا حتى لو دخلوا جحر ضب قالوا اليهود والنصارى قال عليه الصلاه والسلام نعم
دورة الصراعات والخلافات المذهبيه بحسب منطلقات التاريخيه في اليمن التي كانت قبل الاسلام تلقي بضلالها على المستوى الثقافي والاجتماعي الفكري والنفسي والسياسي بين الناس وموضوعنا اليمن ولذلك فان كثير من الحلفاء واخص الذكر هنا السعوديه لا يدركون هذه المنطلقات التي تدفع هذه التيارات على المستوى الفردي والجماعي الى دعم مواقف سياسيه متشدده وتموضع وتمترس باسم الوطنيه والوطن والقصه كلها الخلفيه التاريخيه لتلك المؤثرات والمنطلقات في الخلاف والصراع فصاحب تعز لا يرضى بصعب صنعاء لانه الا اذا صار صنعاني بعقل وقلب تعزي وصاحب صنعاء لا يقبل بصاحب تعز الا اذا كان خاضعا له بارادته وسطوته
قدوم الفرس كمناصرين للشعب اليمني ضد الاحباش في عهد سيف بن ذي يزن واستقرارهم في مناطق معينه ساعدها بالنفسيه الفارسيه الى صناعه اشكال عرفيه ومذهبيه في جزء معين من اليمن وايضا قدوم الاتراك والاكراد والاحباش والهنود في اجزاء معينه من اليمن واستقرارهم له اثره وتشكيله العرفي والمذهبي الفكري والنفسي والسياسي على اليمنيين
نحن ندرك هذا الامر جيدا وندرك ان ابناء هذه المناطق الجبليه يتصدرون مشهد العداء بناء على الاثار التاريخيه لهروب جزء اجتماعي معين قد يكون تركي او كردي او احباش او فرس واستقرارهم في هذه المنطقه الجبليه وامتزاجهم مع ابنائها والمساهمه في تشكيل وعي وثقافه واعراف ومزاج نفسي وسياسي وفكري
الشعب السوري تعرض من الروس ما لم يتعرض له ابدا ومطلقا اليمنيين من صاحب صنعاء تاريخيا واليوم الحوثيين ومع ذلك نجد اليوم مقتضى العقل جعل القياده السوريه تتفاهم مع الروس وهناك اتصالات وتواصلات مع القياده الروسيه وعندما تنظر الى اصحابنا والمسيطرين على الاعلام في صنعاء والطرف المختلف معه في الحكومه الشرعيه وغيرها هناك اصرار عجيب على يبقى الخلاف والهوة باسم الوطن والوطنيه بين صنعاء وتعز في جوهر حقيقه العميقه وبين الشمال والجنوب من نفس تلك المنطلقات والمؤثرات في من يسيطر على المحافظات الجنوبيه او اجزاء منها والمحافظات الشماليه واجزاء منها
الخلاف لا علاقه له بالوطن والوطنية لم يخرجوا من تلك الدوائر الغارقه في تلك المؤثرات التاريخيه فقط يوظفون مصطلحات الوطن والوطنيه لخدمه مشاريعهم تلك بمنطلقتها ومؤثرتها التاريخيه وطموحتها المستقبليه على المستوى الفردي والجماعي لكل فصيل او فريق او تيار منهم