أسير من علة أيام الجاهلية..(عبد يغوث بن الحارث بن وقاص الحارثي العلهي)
كتب أبو زين ناصر الوليدي
إنه شاعر علة وفارسها سيد بني الحارث بن كعب (عبد يغوث بن وقاص الحارثي).
وكانت القصة حدثت قبيل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الذين حضروا الواقعة أدركوا الإسلام وأسلموا. كقيس بن عاصم المنقري والزبرقان بن بدر رضي الله عنهما .
يوم الكلاب الثاني
من أشهر أيام العرب وحروبها التي وقعت قبل الإسلام وقعة يوم الكلاب الثاني بين بني الحارث بن كعب وأحلافهم وبين بني تميم،
وقبيلة بني الحارث بن كعب العلهية كانت تحكم نجران وتقيم فيه منذ أزمان متطاولة ولازالت لهم بقية قليلة في نجران اليوم، ( نجران اليوم يامية همدانية) .
وفي الجاهلية اشتبكت هذه القبيلة العلهية بكثير من القبائل القحطانية والعدنانية وكانت لهم أيامهم التي نالوا فيها من الناس ونال الناس منهم، ولكن كان يوم الكلاب الثاني يوما مختلفا، حيث اجتمع فيه جيش كبير لم تعهده الجاهلية حيث جمعت بنو الحارث بن كعب معها عدداً من القبائل المذحجية لغزو بني تميم، فساروا في أكثر من ثمانية آلاف مقاتل ولكل قبيلة رئيسها وسيدها، وكان سيد بني الحارث بن كعب في تلك الواقعة فارسها وشاعرها عبد يغوث بن وقاص الحارثي. وكانت الدائرة في بداية المعركة لبني الحارث وحلفائها وقد قتلوا سيد بني تميم وفارسها النعمان بن مالك بن جساس التميمي، إلا أن بني تميم استطاعوا الصمود والثبات والصبر والمصابرة حتى دارت الدائرة على حلف مذحج وقتل من قتل وأسر من أسر.
وكان من الأسرى قائد بني الحارث بن كعب: (عبد يغوث بن الحارث بن وقاص الحارثي).
وكان شاعرا بليغا وفارسا مجيدا وقد حاول أن يفتدي نفسه منهم بالإبل ولكن لم يقبل ذلك أهل النعمان بن مالك بن جساس. فقرروا قتله بفارسهم.
ولكن تميم خشيت من لسانه فربطوا فمه بنسعة حتى لا يقول شعرا يهجوهم به فيسير في العرب مسير الشمس. وقد جاءت امرأة من بني عبد شمس تعيره وتضحك منه، ذكرها في قصيدته بقوله:
وتضحك مني شيخة عبشمية
كأن لم تر قبلي أسيرا يمانيا.
وفي آخر لحظات حياته قال لبني تميم: يابني تميم اقتلوني قتلة كريمة. قالوا : وكيف ذلك ؟ قال: اسقوني خمرا وأبعدوا النسعة عن فمي حتى أرثي نفسي.
وقلت وقد شدوا لساني بنسعة
أمعشر تيم أطلقوا لي لسانيا
فربطوه وسقوه خمرا وقطعوا أكحله (عرقه) وسال دمه حتى مات. ولكن قبل موته خلد هذه اللحظات بالقصيدة العصماء التي حفظتها بنو تميم وتناقلتها العرب ودونها الرواه وتناقلتها كل كتب الأدب والشعر.
والتي منها:
أَلا لا تَلوماني كَفى اللَومَ ما بِيا
وَما لَكُما في اللَومِ خَيرٌ وَلا لِيا
أَلَم تَعلَما أَنَّ المَلامَةَ نَفعُها
قَليل وَما لَومي أَخي مِن شمالِيا
فَيا راكِباً إِمّا عَرَضتَ فَبَلَّغَن
نَدامايَ مِن نَجرانَ أَن لا تَلاقِيا
وَلَو شِئتُ نَجَّتني مِنَ الخَيلِ نَهدَةٌ
تَرى خَلفَها الحُوَّ الجِيادَ تَوالِيا
وَلَكِنّني أَحمي ذِمارَ أَبيكُم
وَكانَ الرِماحُ يَختَطِفنَ المُحامِيا
وَتَضحَكُ مِنّي شَيخَةٌ عَبشَمِيَّةٌ
كَأَن لَم تَرى قَبلي أَسيراً يَمانِيا
أَقولُ وَقَد شَدّوا لِساني بِنِسعَةٍ
أَمَعشَرَ تَيمٍ أَطلِقوا عَن لِسانِيا
وَكُنتُ إِذا ما الخَيلُ شَمَّصَها القَنا
لبيق بِتَصريفِ القَناة بنَانِيا
فيا عاصِ فكَّ القَيد عنّي فإنني
صَبور على مرِّ الحوادثِ ناكِيا
أَحَقّاً عِبادَ اللَهِ أَن لَستُ سامِعاً
نَشيدَ الرُعاءِ المُعزِبينَ المَتالِيا
وَقَد كُنتُ نَحّارَ الجَزورِ وَمُعمِلَ ال
مطيَّ وأمضي حيث لاحي ماضيا
وَأَنحَرُ لِلشَربِ الكِرامِ مِطِيَّتي
وَأَصدَعُ بَينَ القَينَتَينِ رِدائِيا.
.............
والقصيدة في كتاب الأغاني لأبي نعيم والعقد الفريد لابن عبد ربه وغيره من كتب الأدب.
والقصة مذكورة في كتب أيام العرب وفي تاريخ ابن الأثير وتاريخ ابن جرير وتاريخ ابن كثير.
.
.