نجران كانت مدينة علهية
بقلم / أبو زين ناصر الوليدي
إذا قيل إن فلانا علهي أو أن القبيلة الفلانية علهية فهذا يعني أنها تنتسب إلى علة بن جلد بن مذحج .
وعلة جد قديم تنتمي إليه الكثير من القبائل اليمنية ومنها قبيلة:
بنو الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد.. ملوك نجران
كما ذكر ذلك ابن حزم في الجمهرة وصاحب المنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب.
ورغم كثرة القبائل التي ينتهي نسبها إلى علة بن جلد إلا أنه لا يوجد الآن _ حسب علمي_ من ينتسب إلى الجد علة مباشرة إلا قبائل دثينة، وأما غيرها من قبائل علة فإنها تنسب إلى من دون علة من الأجداد .
ففي دثينة لو سألت العامي من الناس لانتسب إلى علة، وحتى الشعراء الشعبيون يعتزون بالانتساب إلى علة،
نجران
قال ياقوت الحموي في معجم البلدان
(٥/ ١٦٧) : ونجران من مخاليف اليمن من ناحية مكة قالوا سميت بنجران بن زيدان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان .
وفي الموسوعة الكويتية (١٥/ ١٦٧) وأهل نجران عرب من بني الحارث بن كعب.
وقال جواد علي في المفصل (٦/ ٢٦٦) : ثم استولى بنو الحارث بن كعب على نجران وانتهت رياسة بني الحارث فيها إلى بني الديان وكان منهم يزيد الذي وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم.
طبعا هذه القبيلة العلهية لا زالت إلى اليوم لها بقية يسيرة في نجران بين كثرة يامية همدانية، وكان وجودهم في نجران من قبل الميلاد بمئات السنين، وقد اعتنقوا المسيحية وبنوا كنيسة ضخمة سميت كعبة نجران، وكان منهم قساوسة وأحبار ورهبان.
وفي جوهرة دائرة المعارف الإسلامية
(٣١/ ١٨٨٦) : وكانت قبيلة بني الحارث بن كعب أكبر القبائل العربية في نجران.
وفي التحرير والتنوير (٣/ ١٤٥) : وكان أهل نجران متدينين بالنصرانية، وهم من أصدق العرب تمسكا بدين المسيح وفيهم رهبان مشاهير، وقد أقاموا للمسيحية كعبة ببلادهم وهي التي أشار إليها الأعشى بقوله :
وكعبة نجران حتما عليك
حتى تناخي بأبوابها.
ولما جاء الإسلام خرج إلى المدينة وفد نجران وقصته مشهورة، وعرض عليهم النبي صلى الله عليه وسلم المباهلة وكان هذا الوفد سبب نزول مطلع سورة آل عمران.
وأسلمت نجران فيما بعد وكان من هذه القبيلة العلهية عدد من الصحابة رضوان الله عليهم
وتعتبر نجران من أقدم المدن في الجزيرة العربية وكان لها ثقلها الحضاري والقبلي وكان يجري فيها نهر عظيم تسير فيه السفن، يصب في الخليج العربي، وفيها وقعت قصة أصحاب الأخدود، ووجود النهر العظيم في نجران يفسر لنا ذكر السفينة في حديث صهيب عند مسلم وهو حديث (بسم الله رب الغلام)، وقد كانت هذه اللفظة مشكلة علي كثيرا، والنهر العظيم يسمى في لغة العرب بحرا كقوله تعالى( وأوحينا إلى أم موسى ان أرضعيه فإذا خفت عليه فالقيه في اليم) واليم هو البحر والمقصود في الآية نهر النيل.
وكانت العرب تسمي هذه القبيلة العلهية (جمرة العرب) فقد اشتبكت في حروب كثيرة ومع الكثير من القبائل القحطانية والعدنانية وقد غزو نجد والمسافة إلى نجد بعيدة ولهم يوم الكلاب الثاني مع تميم وقد جمعوا في هذا اليوم أكثر من ثمانية ألف مقاتل وهو أكبر جيش للعرب قبل الإسلام.
واشتهر أمر بني الديان الحارثيين العلهيين وكان منهم يزيد بن عبد المدان الشاعر الفارس الذي أدرك الإسلام وأسلم، وهذا الفارس لا يقل عن عنترة والزير وعمرو بن معدي كرب ولكن ظلمته المناهج والدراما.
وشهر بنو عبد المدان إلى جانب الفروسية والشعر والنخوة والفصحاحة أيضا بالجمال حتى أنهم حينما وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم تعجب منهم وقال : من هؤلاء الذين كأنهم من رجال الهند.
كما في طبقات ابن سعد (٨/ ٢٠٥)
وقال حسان بن ثابت يمدحهم قبل الإسلام.
وقد كنا نقول إذا رأينا
لذي جسما يعد وذو بيان
كأنك أيها المعطى بيانا
وجسما من بني عبد المدان.
وفي شرح مقامات الحرير
الحريري للشريشي (٣/ ٤٠٦) :
وأما بنو عبد المدان فأشراف اليمن وبهم يضرب المثل في الشرف والعزة وهو عبد المدان بن الديان بن .... بن الحارث بن كعب.
وقال آخر:
تلوث عمامة وتجر رمحا
كأنك من بني عبد المدان..
.
ويقال أن من هذه القبيلة قبيلة أهل ديان الذين في امعين وسط دثينة والجزء الأكبر منهم في خورة، وقبيلة الحارثي في شبوة ومأرب ..
.
.