لقمان المربي
بقلم: حسين السليماني الحنشي
لقد أبدع لقمان في وصاياه لابنه وأعاد كثيراً في تربية إبنه في النهي عن الشرك لعواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة، فأما في الدنيا فإنه يحرم الأمن والهداية، فعيش حياة الضلال، فلا يستقر له بال ولا يسكن له حال!
وأما في الآخرة فشقاء، وخلود في نار الجحيم لا يموت فيها ولا يحيا؛ لأنه لم يجد القين... وإن من أعظم طرق التربية عند لقمان، أنه لا يأمر بشيء إلا بيّن لابنه نفعه، ولا ينهاه عن شيء إلا بيّن له ضرره، حتى يكون على بصيرة من أمره.
حيث أوصى لقمان ابنه بوصايا جمعت بين أصول الشريعة والحياة، والأخلاق، ومن أوسع أبواب الأخلاق إقامة الشعائر الدينية ومنها: إقامة الصلاة، التي تنهي صاحبها عن الفحشاء، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، الممحاة التي تقلل من سلبيات الفرد وتصحح المسار... والصبر على المصائب، التي تزيد المجتمع أمن واستقرار، والاتصاف بلين الجانب، التي تطرد الخشونة عند الفرد، والابتعاد عن التكبر، والتحدث إلى الناس بلطف، مع خفض الصوت، والابتعاد عن الغلظة في الكلام، ومن الأعمال الصالحة أيضاً التي تطرق لها لقمان الحكيم ـ البر ـ وهذا النموذج الفريد في التربية عند لقمان.
فكأنه يبني أسوار يصعب اختراقها، فكان إعداد للفرد إعدادا صالحا ليعيش حياة اجتماعية سوية والارتقاء به إلى ما هو أحسن وفق نصوص ربانية، فأصبح لقمان قدوة حسنة في التربية، وهذه الوصايا كونت النهج التربوي الصحيح فكان أسلوبه في التربية والذي يحث المتعلم على أن يتبع معلمه العارف بالواقع الذي تشعر به حواسه، وليس نظريات مجردة تحتمل الفشل أو النجاح، فكانت الموعظة ولا زالت تترك صداها في النفس، فإنها (الموعظة) تفتح طريقها إلى النفس مباشرة، ولهذا حرص الإسلام بل جعل للموعظة نصيب في حياة المسلم! فكانت (خطبة الجمعة) حيث رغب فيها الإسلام، فكان الانتفاع بما يسمعه الناس، من الحكمة، والفهم والعلم منها، وتعتبر شخصية لقمان القدوة الصالحة للاتباع والاقتداء، وهذا نموذج فريد في التربية، ومنهج كامل وشامل لتهذيب سلوك الفرد والبحث عن عناصر الخير الكامنة فيه... إن غرس السلوك السوي في الابن منذ نشأته هو الطريق الأمثل، حتى يفتح عينيه على القيم والأخلاق الحميدة، ويرتبط منذ صغره بأحكام الشريعة الذي تجعل منه فرد يستطيع العيش في أحنك الظروف المحيطة به. وهذا النموذج يمثله في الاسلام، الصحابة والتابعين والمسلمين الذين كانوا على نفس المنهج! ولهذا كانت سورة لقمان تجسيداً لتلك المعاني الفريدة في التربية.
فما أحوجنا اليوم لتلك الرموز التربوية حيث تصحرت المؤسسات التربوية في واقعنا المعاصر، فأصبحت المخرجات ناقصة؛ لأنها فقدت روح المنهج الإسلامي القويم!!!