رمضان: بوابة الولاية الإلهية

في رحاب شهر رمضان المبارك، تتجلى فرصة ذهبية للمؤمنين للارتقاء بأرواحهم وتحقيق الولاية الإلهية، تلك المنزلة السامية التي تعني القرب من الله ونيل محبته ورضاه. إنها غاية المؤمنين، ومبتغاهم في الدنيا والآخرة.

رمضان شهر الرحمة والمغفرة، يفتح أبواب السماء لتستقبل دعوات الصائمين، وتغمرهم بنفحات الإيمان والتقوى. إنه ميدان للتزكية الروحية، والتجرد من أهواء النفس، والإقبال على الطاعات، والتخلي عن المعاصي.

الولاية الإلهية، كلمة تحمل في طياتها معاني القرب والنصرة والمحبة، وهي في جوهرها محبة الله لعباده المؤمنين، وتوليه لأمورهم، وإحاطتهم بعنايته ورحمته.

تتنوع الولاية إلى قسمين رئيسيين: ولاية الله لعباده المؤمنين، وهي الولاية الحقيقية التي ينالها من تحقق بالإيمان والتقوى، وولايتهم لله، وتتحقق بالعبودية الكاملة، والإخلاص له، والتزام أوامره.

ثمار الولاية الإلهية في الدنيا تظهر في راحة القلب، والسداد في القول والعمل، والطمأنينة، والحفظ من الشرور، وفي الآخرة تكون سببا للفوز بالجنة والنجاة من العذاب.

الصيام، تلك العبادة السرية التي لا يطلع عليها إلا الله، هي الوسيلة العظمى لتحقيق التقوى، وهي الشرط الأساسي لنيل الولاية. في رمضان، يتحرر العبد من قيود الدنيا، وينشغل بطاعة الله، ويتجرد من العادات، ليعيش في رحاب العبودية الخالصة.

المجاهدون في سبيل الله هم الأقرب إلى ولايته، والمجاهدة في رمضان تكون بضبط النفس، وكبح الشهوات، وتحقيق الصبر.

قيام الليل، وتلاوة القرآن، والذكر، والدعاء، كلها من أعظم القربات التي تحقق الولاية. والورع عن المحرمات، والبعد عن الشبهات، ومراقبة الله في السر والعلن، كلها من علامات صدق الإيمان.

الإحسان إلى الخلق، بالصدقة والإطعام، وإصلاح ذات البين، والرحمة، والعفو، والتسامح، كلها طرق موصلة إلى ولاية الله.

فرمضان هو فرصة عظيمة لتحقيق الولاية، فمن استغله في الطاعة والعبادة والإحسان، نال محبة الله ومعيته، وذاق حلاوة القرب منه. فلنجتهد في هذا الشهر الكريم لنكون من أولياء الله الصالحين، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

وفق الله الجميع لطاعة الله وبلوغ ولايته. 
ودمتم سالمين.