بشرى سارة للمؤمنين

بقلم: منصور بلعيدي

اللغة العربية، بكل تفاصيلها العميقة، تحمل في طياتها معاني عظيمة، من خلال كلماتها ذات الدلالات الرائعة. 
كلمة "عسى" من الكلمات التي ترتبط بالرجاء، ومعناها يحمل طمأنينة لكل من يتفكر فيها. 
في القرآن الكريم، كلمة "عسى" لا تأتي عبثاً، بل تكون مُحققة الوقوع عند ارتباطها بما يَعد به الله سبحانه وتعالى، لأنه حاشاه أن يطمع عباده ثم يحرمهم.

*معنى "عسى" في القرآن*
"عسى" في القرآن ليست للتمني فحسب، بل تُشير إلى وعد من الله إذا تحقق شرطها. 
فعلى سبيل المثال، قال يعقوب عليه السلام: *"عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً"* (يوسف: 83)، 
وبالفعل، جمع الله له أبناءه. وكذلك قال موسى لبني إسرائيل: *"عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون"* (الأعراف: 129)، 
وقد أهلك الله فرعون واستخلف بني إسرائيل في الأرض.

كلمة "عسى" في القرآن ليست احتمالية، بل مشروطة بشرط إذا تحقق وقع الوعد. 
على ففي قوله تعالى: *"عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن"* (التحريم: 5)، 
فإن هذا الوعد معلق بشرط حدوث الطلاق.

*البشرى في القرآن*
لكن أين البشرى العظيمة التي تحملها "عسى" للمؤمنين؟ 
نجدها في قوله تعالى: *"وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم"* (التوبة: 102).

هنا البشرى الكبيرة يا أمة الإسلام. 
من منا لم يخلط عملاً صالحاً بآخر سيئاً؟ 
من منا لم تضعف نفسه، لم يعصِ، ولم يغلبه هواه؟!
البشرى هي أن الله، الغفور الرحيم، فتح باب التوبة أمام كل مذنب، وأوجب توبته سبحانه بكرمه العظيم: *"عسى الله أن يتوب عليهم"* . هذه ليست مجرد دعوة للتوبة، بل وعد بالتوبة لمن يرجع إلى الله بصدق.

*رسالة الأمل*
هذه الآيات تُطمئن قلوب المؤمنين بأن الله لا يغلق أبوابه في وجه أحد، وأن رحمته واسعة تتجاوز الذنوب والمعاصي. 
تذكيرنا بكلمة "عسى" في القرآن يدعونا إلى الأمل والعمل، لأن الله قد أوجب رحمته وتوبته لعباده المستحقين لها.

*الخلاصة*
البشرى السارة للمؤمنين هي أن باب التوبة دائماً مفتوح، وأن الله سبحانه وتعالى يُوجب رحمته لكل من رجع إليه. 
فلنغتنم هذه الفرصة العظيمة، ونتذكر دائماً أن الله غفور رحيم بعباده. فالقرآن الكريم مليء برسائل الطمأنينة التي تغمر القلوب بالأمل، وتدفعها إلى السير في طريق الإصلاح والتقرب من الله. *أبشروا أيها المؤمنون، فإن ربكم واسع المغفرة.*