قصة خطبة يهودي في بني عبد الأشهل
بقلم: أبو زين ناصر الوليدي
يحدثنا فتى يمني أوسي من أهل يثرب وبالأخص من بني عبد الأشهل عن هذه الحادثة التي وقعت قبيل مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان يسكن يثرب قوم من اليمن من قبيلة الأزد يقال لهم الأوس والخزرج وهما بنو عمومة ولكن كانت الفتن بينهما مستعرة لا تكاد تتوقف، وفي يوم من الأيام وبينما كان بنو عبد الأشهل في ناديهم إذ وقف عليهم شاب من يهودهم ومواليهم فقام فيهم خطيبا وكانوا قوما وثنيين يعبدون الأصنام، فأخذ يذكرهم بيوم القيامة وخروج الناس من قبورهم والحشر والحساب والميزان والجنة والنار وهم قوم لا يرون أن بعد الموت حياة، ولكنهم تأثروا بكلماته فقالوا له : ويحك يا فلان هل حقا ما تقول كائن وأن الناس يبعثون من قبورهم ويجازون بأعمالهم في دار فيها جنة ونار ؟
فقال : نعم ورب موسى إن ذلك كائن وإنه لحق لا ريب فيه.
قالوا له : ويلك وما المخرج من ذلك وما آية ذلك ؟
قال : آية ذلك أنه يخرج نبي من هاهنا - وأشار إلى مكة- .
قالوا: وهل ذلك قريب وهل سيراه منا أحد ؟
قال سلمة بن سلامة بن وقش: فنظر اليهودي إلي وكنت أصغر القوم ثم قال : إن يستكمل هذا الفتى عمره فسوف يدركه، فزمانه وشيك وشيك.
قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله محمدا وذلك اليهودي لا يزال بين أظهرنا، فآمنا به واتبعناه، وكفر ذلك اليهودي وكذب بغيا وحسدا، فذهبنا إليه فقلنا له : ويحك يا فلان، ألست الذي حدثتنا عنه من سنوات وأخبرتنا خبره ؟
قال : بلى ، ولكن ليس هو .
ما منعه إلا الكبر والبغي والحسد.
فمات كافرا وشهد سلمة بيعة العقبة الأولى والثانية وبدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم وولاه عمر اليمامة وطال عمره إلى زمن معاوية فمات سنة ٤٥ هج وقد تجاوز السبعين وذهبت الأوس والخزرج بشرف الدنيا والآخرة وسماهم الله الأنصار ورجع اليهود بالخزى والهوان في الدارين.
القصة في كتاب صحيح دلائل النبوة للوادعي.
.