لقد أتوا بك من أجل ذلك
متى نفقه نحن معشر العرب مايضرنا وماينفعنا ، بل ومتى نستطيع - قبل ذلك - التفريق بين العدو وبين الخصم ؟ هناك من يسعى جاهدا لتفجير الفتنة في أوساط أمتنا ، وزراعة الكره بين أمة لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، وإيقاظ الحقد القديم ، الذي لم يعد يعنينا نحن جيل اليوم ، علما بأن كل من يقرأ القرآن يعلم يقينا من هو عدونا الحقيقي ، الذي كان هو العدو ومازال هو العدو وسيبقى هو العدو إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم بآيات واضحات مفصلات ، خلت معانيها تماما من اللبس والتشابه .
ومع ذلك كله نعمد إلى التقرب من الأعداء ، ونهيم في حبهم ، ونستمع لأقوالهم ، وننفذ املاءاتهم ، في الوقت الذي نجهل أو نتجاهل القول الفصل ، الذي نقرأه كل يوم في القرآن الكريم ، ونغفل أو نتغافل ذلك البرهان الحق ، الذي أنزل من لدن خالق عظيم ، وصدر عن عليم خبير . من ذلك مايفعله بعض القادة من أمتنا ؛ إذ يجد العدو الحقيقي بارزا أمام ناظريه ، لكنه يعرض عنه ، ويدبر في وجهه ، ويعمد في البحث عن اختلاق عدو من خصومه ، ممن لايختلف عنه في شيء ، بل يدين بالدين نفسه ، وغالبا مايكون يتحدث اللغة نفسها ، وينتسب إلى الجغرافية نفسها ، وثقافته الثقافة عينها ، بدلا من أن يكون ذلك القائد نموذجا رائعا ؛ يحتضن أخاه ، ويستوعب أخطاءه ، ويترفع عن هفواته ، يقاسمه رغيف الخبز ، ويشاركه شربة الماء ، يتألم لألمه ، ويبكي لحزنه ومأتمه ...
لكن قادتنا غير ذلك تماما ، نجدهم يتسابقون لخدمة الأعداء ، ويتربصون شرا بالأقرباء ، والأهم من ذلك أن الكثير ممن جاء على عربة التغيير ، لم يكن في المستوى الذي كنا نأمله ، إذ جاء حاقدا على الأتباع الذي صعد على ظهورهم ، وعلى من كانوا يعانون من ظلم ذوي القربى ، وسطوة الحاكم المستبد ، أكثر بكثير من حقده على العدو الحقيقي ، والداعم الفعلي للسلف ، فضلا عن أنه هو من جاء بالخلف ، فوجه بندقيته نحو نحورنا ، ومديته نحو أعناقنا ، فإلى متى سيظل هذا الغباء ديدننا ، وذلك الظلم منهجنا ، والعدو الحقيقي سيدنا ، وآمرنا ، وموجهنا ؟؟؟