مراد الحربي.. رائد إنتاج الكمبوست الهوائي في يهر ومناصر الزراعة العضوية

مراد الحربي.. رائد إنتاج الكمبوست الهوائي في يهر ومناصر الزراعة العضوية

يهر (أبين الآن) حسن الكنزلي

في قلب مديرية يهر بيافع، بمحافظة لحج، يبرز اسم المزارع مراد رشاد الحربي كرائد في مجال التحول نحو إنتاج الكمبوست الهوائي، وهي خطوة ثورية في الزراعة المستدامة تهدف إلى تعزيز الإنتاجية الزراعية والحفاظ على البيئة. فبعد أن تدرب الحربي على إنتاج الكمبوست اللاهوائي، لم يكتفِ بذلك، بل واصل البحث والتجربة ليصل إلى قناعة راسخة بأن الكمبوست الهوائي هو الخيار الأمثل والأكثر أمانا.

يمثل الكمبوست الهوائي طفرة نوعية في مجال التسميد العضوي، حيث يعتمد على التهوية المستمرة أثناء عملية التحلل، مما يرفع درجة الحرارة الداخلية إلى مستويات قادرة على قتل مسببات الأمراض، والبكتيريا الضارة، وبذور الأعشاب الضارة، مما يجعله خاليا تماما من أي آفات زراعية قد تعاود الظهور. هذه الميزة الفريدة كانت الدافع الأساسي للحربي لتبني هذه الطريقة، حيث قام بقياس درجات الحرارة بنفسه باستخدام الترمومتر الخاص به، ليتيقن من نجاح العملية وفقا للمعايير العلمية الصحيحة.
على النقيض، فإن الكمبوست اللاهوائي يعاني من العديد من العيوب التي تؤثر سلبا على التربة والنباتات والبيئة، ومنها:
- عدم القضاء على البذور الضارة، مما يؤدي إلى عودة الأعشاب الضارة التي تنافس المحاصيل على الغذاء والماء.
- بقاء بعض مسببات الأمراض على قيد الحياة، مما قد ينقل العدوى إلى التربة والنباتات.
- انبعاث الغازات الضارة كالميثان وكبريتيد الهيدروجين، مما يسبب تلوثا بيئيا ورائحة كريهة.
- ضعف الجودة مقارنة بالكمبوست الهوائي، حيث أن محتواه الغذائي أقل كفاءة.

يعد التحول إلى الكمبوست الهوائي استثمارا ذكيا من الناحية الاقتصادية والزراعية، حيث يسهم في:
- تحسين جودة التربة وزيادة خصوبتها، مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية المحاصيل بشكل طبيعي دون الحاجة إلى الأسمدة الكيميائية الضارة والمكلفة.
- تقليل الأمراض الزراعية التي قد تصيب النباتات، مما يخفض تكاليف مكافحة الآفات ويزيد من فرص الحصول على محاصيل صحية.
- تعزيز الاستدامة البيئية من خلال تقليل الانبعاثات الضارة وتحسين إدارة المخلفات الزراعية.
- توفير منتجات زراعية عضوية عالية الجودة، وهو ما يزيد من فرص التسويق المحلي والعالمي بأسعار تنافسية.

بفضل التزامه بإنتاج الكمبوست الهوائي، أصبح المزارع مراد الحربي أول من ينتج البن العضوي في محافظة لحج، وربما في اليمن كلها. فإنتاج البن العضوي يتطلب استخدام أسمدة طبيعية خالية من أي مخلفات كيميائية، وهو ما يضمن الحصول على حبوب بن ذات جودة عالية ونكهة أصيلة تلبي متطلبات الأسواق العالمية المتزايدة على المنتجات العضوية.

بناء على تجاربه الشخصية ونتائجها المبهرة، يوجه مراد الحربي دعوة مفتوحة لجميع المزارعين في يافع واليمن عموما للتخلي عن الكمبوست اللاهوائي والتحول إلى الكمبوست الهوائي، وذلك تماشيا مع الاتجاه العالمي نحو الزراعة العضوية المستدامة. وهذه الخطوة ليست فقط ضرورة بيئية، بل هي فرصة اقتصادية للمزارعين لتحقيق عوائد أفضل وضمان جودة منتجاتهم الزراعية.

إن ما حققه المزارع مراد الحربي من إنجازات في مجال الزراعة العضوية يستحق التقدير والتكريم من الجهات المختصة، فهو لم يكتفِ بتطبيق ما تدرب عليه، بل بحث واجتهد وسعى لتطوير نفسه، واستعان بخبراء لتطبيق المعايير العلمية الصحيحة. مثل هذه النماذج يجب أن تُحتفى بها، لأنها تسهم في تحقيق أمن غذائي مستدام وتطوير القطاع الزراعي في اليمن.

إن التحول نحو الكمبوست الهوائي ليس مجرد اختيار؛ بل ضرورة حتمية للحفاظ على التربة، وضمان صحة الإنسان، وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة. وما قام به المزارع مراد الحربي هو نموذج يُحتذى به في الطموح والسعي نحو الأفضل، مما يجعل تجربته نقطة انطلاق نحو مستقبل زراعي أكثر استدامة وإنتاجية.
والله الموفق. 
ودمتم سالمين.