بعد عقد من الصراع.. هل يقترب اليمن من الحل أم يواصل النزيف؟ 

مرّ عقد منذ انطلاق عملية عاصفة الحزم في 26 مارس 2015، حين تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية لمنع سقوط اليمن في قبضة مليشيا الحوثي. شكلت العملية محطة مفصلية أوقفت تمدد الجماعة وحالت دون انهيار الدولة، لكنها في المقابل فتحت الباب أمام صراع طويل الأمد، لم يحسم عسكريًا ولم يُحل سياسيًا، ليبقى المشهد عالقًا في حالة "لا انتصار واضح ولا سلام كامل".

رغم الجهود الدبلوماسية، لا تزال تعقيدات المشهد اليمني والتدخلات الإقليمية والتشابكات الدولية تغذي استمرار الحرب. كلما اقترب الحل، برزت حسابات جديدة تُمدد الصراع، سواء عبر مفاوضات لا تحقق اختراقًا حقيقيًا، أو تغيرات ميدانية تعيد خلط الأوراق. ومع استمرار الجمود العسكري، باتت البلاد في مأزق "اللا حرب واللا سلام"، حيث تشتعل بعض الجبهات، بينما تهدأ أخرى في إطار اتفاقات هشة لا تفضي إلى حلول دائمة.

الوضع الراهن لم يعد يحتمل مزيدًا من الفوضى، ولم يعد المواطن قادرًا على تحمل تبعات حرب أرهقت الاقتصاد وفاقمت الأزمة الإنسانية. ومع ذلك، لم يعد الحل يمنيًا خالصًا، بل أصبح مرهونًا بقدرة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية على كسر الجمود والانتقال من مرحلة الصراع المستمر إلى تفاهمات حقيقية تضع أساسًا لسلام مستدام، لا يقتصر على إيقاف القتال، بل يعالج جذور الأزمة لا مجرد نتائجها.

إنهاء الصراع ضد الحوثيين لا يمكن تحقيقه عبر عامل واحد، فالقوة العسكرية وحدها غير كافية، ولا التفاوض السياسي بمعزل عن الضغوط الميدانية سيؤدي إلى تسوية عادلة. المطلوب استراتيجية شاملة، تجمع بين الضغط العسكري، والتفاوض المدروس، وإعادة بناء الشرعية، وتحسين الوضع الاقتصادي، مع تفكيك التحالفات التي تمنح الحوثيين القدرة على الصمود. الحرب لن تتوقف بمجرد إنهاك الأطراف، بل عندما يصبح استمرارها مكلفًا للحوثيين أكثر من القبول بتسوية سياسية متوازنة.

في ظل هذا المشهد، يمثل التصعيد العسكري الأمريكي ضد الحوثيين متغيرًا جديدًا قد يعيد تشكيل مسار الحرب، حيث توفر الغارات الجوية فرصة لإضعاف الجماعة وإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات من موقع أقل قوة. لكن هذا وحده لا يكفي، بل يجب استثمار اللحظة الراهنة في بناء نموذج ناجح في المناطق المحررة، يكون جاذبًا للناس، ويمنحهم أملًا بمستقبل مختلف عن واقع الحرب والميليشيات.

اليمن اليوم عند مفترق طرق؛ إما استمرار الحرب بلا أفق، أو استثمار الفرص المتاحة للوصول إلى حل حقيقي، تكون فيه للشرعية رؤية واضحة لمستقبل البلاد، بما يوقف نزيفها، ويمنحها فرصة أخيرة للخروج من هذا النفق الطويل.