حتى وإن أثقله المرض لم يُثنه الواجب... فحضرموت بقيت دائماً في القلب.
رغم وطأة المرض وثقل العلاج وفي مشهد يختلط فيه الوفاء بالبطولة ، وفي لحظة كان الجميع فيها يترقب وبينما الأوضاع تتشابك وتتعقد ، أبى اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ومحافظ حضرموت السابق، إلا أن يكون حاضراً في حضرموت لا كضيفٍ في مناسبة بل كقائدٍ يعود حين تشتدّ الحاجة وتضيق فسحة الحلول.
لم يمنعه الألم من تلبية نداء حضرموت في ذكرى تحرير ساحلها ، وكأنه أراد أن يعلن أن "حضرموت أولاً" ، وأن الوطن لا ينتظر تعافي الجسد طالما أن العزيمة لا تزال صلبة.
لم تكن هذه العودة مجرد إحياء ذكرى أو مشاركة احتفالية ، بل كانت محاولة لتحرير الذاكرة من الغفلة والعقل من التشويش.
وهي إشارة لمن يُتقنون قراءة ما بين السطور، بأن الرجل القادم من ميدان التجربة والحنكة يحمل في جعبته مفاتيح لحلحلة التوترات ورؤية تسعى لوأد الفتن في مهدها... فحضرموت التي عرفها وعرفته ، لا تقبل العبث ولا ترضى أن تكون ساحة صراع مهما حاول البعض جرها إلى ذلك.
لقد أعلن مجيئه في وقتٍ لا يُجازف فيه إلا من يعرف أن اللحظة أكبر من أن تُؤجّل ، وأن حضرموت لا تُترك للعبث ولا يُسمح أن تُقاد بغير العقل.
وفي وقتٍ تتصاعد فيه حالة التوتر في حضرموت، وتحاول بعض الأطراف إعادة رسم المشهد بألوان ضبابية كان لا بد من حضور رجلٍ يعرف متى يتكلّم ومتى يكفيه أن يكون.
اللواء بن بريك لم يأتِ ليستريح ولم ينتظر اكتمال شفائه ، بل تحامل على المرض وجاء ليجمع لا ليفرّق ، ليقود بعقله لا بعضلاته وينادي كل من ضلّوا الطريق:
"تعالوا إلى كلمة سواء"
فحضرموت أكبر من حساباتكم الصغيرة ؛ لأن ما تمرّ به اليوم أخطر من أن يُترك لمن لا يقدر وزنها التاريخي والجغرافي والإنساني..