لمن أهدي ورود العيد؟!
صباح الخير يا أبي!
صباح العيد الذي تفوح من لحظاته طيبة الآباء...
صباح كله اشتياق وبعضه لوعة وحنين، يا سند القلب وملاذ الروح...
صباح يحفر في ذاتي ملامح فَقدٍ تصاب اللغة أمامه بالكساح، يا للنزف حين يعجز أمام عطشي الجارف إليك يا أبي!
لمن أهدي اليوم زهور العيد وهي لا تُهدى إلا إليك؟!
أين مني طهر كفيك وهما تربتان على رأسي، وتطوفان بشعري لحظات قليلة لكنها تعادل عمراً من الحنان!
.. عندما يطل العيد أعجز إلا أن أفتقدك، آآآه كم أشتاقك يا كل العيد، يا رب لكم هو العالم موحش دون أبي! ولكم روحي يتيمة على رصيف العمر، وقلبي غريب مستوحش وسط الجموع!
صباح عيد الآباء... قلبي يتضرَّج بالعطش ولساني يهذي بالحديث عنك... هل يكفيني أن أشرع صوتي حافة المدى مناديةً باسمك، وأسند روحي بظل وجهك المجبول بدمي وحنوك المغتسل بقلبي كل نبضة...؟!
أقطف اليوم زهور محبتك المزروعة في قلبي وأحصد حباً كبيراً بذرته ذات يوم، يينع كل لحظة في مساحات ذاتي... سامحني يا أبي، فصباح عيدك في غيابك الأبدي أشبه بوخزة في عمق الجرح، صاعقة تخز الروح ارتشف قهوته المرة على شرفة الفقد، عبثاً ألمَّ بروحي إذ تئن متوجعة وأعجز إلا أن أبكيك... سامحني يا ابي ففي عيد الآباء أفتقدك أكثر مما أحتمل وأكبر مما يحتمل الفقد...
أجدك تستيقظ من دمي، تستفيق ملامحك معمَّدة بنزفي.. صوتك.. كلماتك.. حركاتك.. حضورك.. وتحتشد ذاكرتي بعشرات المواقف ويضجّ قلبي بذكريات عمر.
يا لموسم افتقادك الذي لا يعرف الحصاد... يا لوردة الألم التي تأبى إلا أن تزهر بألف لون! عيد آخر يأتي وأنا خاوية منك، كل عيد أعد نفسي ألا أجزع لكنه يتضوع مثل جرح راعفٍ، له مذاق وجعه الفريد وطريقته الجديدة في التذكير بحضور غيابك الفادح... لكني أنتظر كل سنةٍ، ففيه تتبرعم كلمة ( بابا) وتورق في القلب لفظة أبي وفي العيد أردد: أبي، أتمتم: أباه حتى بين أنفاسي دون أن تتلقفني نظرات استغراب.
شكراً لله على الأعياد التي أكرمت بها أن أكون بين ذراعيك، شكراً لكل لحظة أهدتني إياها الحياة أن أجلس عند قدميك، هذا العيد أقف أنا وقلبي وحيدين في محرابه لكني أقف مزهوةً كونك أبي.... رحمك الله يا أغلى الأحباب!


