غزة ـ جزيرة الموت الدولية

بقلم: حسين السليماني الحنشي 

يمارس مجلس (الأمن) الدولي، والأمم المتحدة، وأغلب الاتحادات الاقليمية والعالمية، أبشع صور الظلم والحروب، وهم يشاهدون مايجري ـ بغزة ـ بالصوت والصورة، لا بل إنهم تجاوزوا كل الأعراف والقوانين الدولية بدعمهم إلا محدود بالحرب على غزة.

بل وصل بهم الحال إلى تجريم من يريد المساعدة لمن هو في أمس الحاجة لها في غزة. إن الهيمنة التي أصبحت تتحكم حتى في الخصوصيات للأفراد ؛ لأنهم يرفعون شعار العدالة فقط، لمن يأتيهم الموت من كل مكان...

إن غزة هي التي لا يمكنك أن ترى فيها الأقمار الصناعية ألا وهي تتجسس على سكانها، أو الطائرات المسيرة التي تنقل صور الأطفال والنساء، حتّى يتم استهدافهم بصواريخها القاتلة...

إنها غزة التي هدموا دور العبادة، والبيوت على ساكنيها، وأحرقوا فيها كل المزارع، وعطلت مياه الشرب والصرف الصحي والمستشفيات والمدارس والجامعات والمعاهد، والأسواق والمصالح... حيث لايوجد فيها ملجأ تأمن على نفسك، أصبحت غزة كجزيرة تحيط بها البحار والمحيطات، أنهم في رحلات النزوح المستمرة التي رسمت على جبين الإنسانية الخزي والعار، أنها جزيرة الموت بالطائرات وقنابلها الحارقة وصواريخها المدمرة وقذائف الدبابات المدافع، وراجمات الصواريخ البحرية، وإغلاق المعابر الحدودية...

فهي (غزة) على عكس الجزر التي نعرفها ، فتلك الجزر من صنع الله البديع... وتلك من صنع الأيادي الآثمة، صنع المجرمين من دول العالم المستبدة، إن الجزر التي أوجدها الله سبحانه على مافيها من عزلة إلا أنك تجد فيها الخلوة والدعة. ولا تحس بالجوع ولا تعيش الخوف من كل شيء...

لكن عندما يعزل حكام العالم الظالم اليوم قطعة من الأرض يسكنها البشر، ويتم محاصرتها وإمداد العدوان عليها بكل ما وصل إليه من تقنيات جديدة من الأسلحة الفتاكة، وكأن تلك الدول مثل المحيطات والبحار التي لا تستطيع الحوار معها وتخيفك أكثر إذا تقرّبت منها من الغرق، فأصبحت غزة للأسف الشديد مثل الجزيرة، وياريتهم تركوا من يعيش فيها كمثل الذي يعيش بين المحيطات المظلمة ، لكن غزة قررت عليها عصبة الأمم إن تحترق، لكن وفق خطط أعدت من قبل! حتى وإن كانت مخالفة لكل المعايير الدولية والحقوقية، فلم تشهد لها مثيل...

إن الحرب على غزة وصلت إلى مالم يصل إليه أحد في هذا العصر، بل وأصبحت غزة ليس فيها خطوطاً حُمر...

فهل غزة من عالم آخر ؟

وكأنها من عالم لا نعرفه، ولا نعترف به!!! فليس لها قريب يواسيها... [ إنها تمر بنفس ما مر به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بما فعل به أهل الطائف، حين تخلى عنه قومة وأهله، وما أشبه الليلة بالبارحة، كان محمد صل الله عليه وسلم، يخاطب ربه لم يقف معه أحد كل الأقوياء من حوله ضده ويتمنون له الهلاك ، فيقول: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، اللهم إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟...) إن الخذلان من الأخ يسقط الأمل إلى أعمق بعد، بل ويزيد الألم ألما وتشعر بأن قلبك قد انكسر إلى ألف قطعة، وأن كل وعود الإخاء قد تبخرت عندما يخذلك من تظنه هو الأقرب والذي لايساوم في حقوقك المشروعة، لكن أصبح شعب غزة يشعر وكأنه فقد جزءا من نفسه جزءا لا يمكن تعويضه بإخرين من إخوته في الدين والعقيدة، إن الخذلان لأهلنا في غزة ليس مجرد ألم عابر بل هو جرح عميق يترك أثرا في إخوة الدين والقومية وتسقط النخوة فلا تجد من يمحى العار الذي اقترفه الحكام وسكوت الشعوب عن نصرة غزة التي أصبحت كجزيرة ليست مهجورة فحسب بل محروقة. فيكف نداوي جروح أرواحنا التي لا تنام مما يفعل لإخواننا في القطاع المكلوم!!