الطيبون لا يؤذون... ولكنهم إذا رحلوا لا يعودون
في عالم تتسارع فيه المصالح، وتُغلف فيه العلاقات بثياب المصلحة المؤقتة، يبرز أولئك الطيبون كجواهر نادرة. إنهم لا يؤذون أحدًا، لا بكلمة ولا بفعل، يحملون في قلوبهم صفاءً نادرًا، ويزرعون الخير في كل طريق يمرون به، دون انتظار شكر أو مقابل. ومع ذلك، فإن رحيلهم يُحدث فراغًا لا يُملأ، لأنهم حين يرحلون... لا يعودون.
الطيبة ليست ضعفًا... بل مبدأ
كثيرًا ما يُساء فهم الطيبة وتُفسر خطأ على أنها سذاجة أو ضعف. فيُستغل الطيبون، ويُداس على مشاعرهم، وتُؤخذ مواقفهم النبيلة على أنها واجب لا فضل. لكن الحقيقة أن الطيبين يتصرفون بقيم ثابتة لا تتغير بتغير الناس، فهم لا يؤذون لأنهم اختاروا طريق النُبل، لا الجفاء.
رحيل بصمت... لا ضجيج فيه ولا عودة بعده
ما يُميز الطيبين أنهم لا يُحدثون ضجيجًا حين يُخذلون، ولا يُطالبون برد الجميل حين يُظلمون. فقط ينسحبون بهدوء، يرحلون كما جاءوا، ويأخذون معهم ما تبقى من دفء العلاقات. لا يُحطمهم الجحود، لكنهم لا يُجربون العودة مرتين، لأن من خذل طيبتهم مرة، لن يصونها ثانية.
الفراغ بعدهم لا يُملأ
الناس لا يشعرون بقيمة الطيبين إلا بعد فقدهم، حين تختفي كلماتهم المطمئنة، ومبادراتهم العفوية، ومواقفهم النبيلة. حين يصبح الحضور باهتًا، والعلاقات سطحية، يدرك الجميع أن الطيبين كانوا العمود الفقري للعلاقات الصادقة، وأن خسارتهم ليست مؤقتة، بل دائمة.
دعوة لإعادة النظر في سلوكنا
هذا المقال ليس رثاءً لفئة راحلة، بل دعوة صريحة لإعادة تقييم سلوكياتنا، ولحماية من تبقى من الطيبين حولنا. فهم ثروة عاطفية وإنسانية، واستمرارهم بيننا يتطلب تقديرهم، لا استغلالهم.
في زمن يُمجِّد القسوة ويُصنفها كقوة، نحتاج أن نُعيد الاعتبار للطيبة، لا كصفة عابرة، بل كقوة ناعمة تخلق التوازن في عالم خشن. فلنحافظ على الطيبين، قبل أن يرحلوا بلا عودة.