أيها المتباكون على رحيل بن مبارك... رئيس الوزراء الفاشل بامتياز

في ساعات قليلة مذ أن قدم بن مبارك استقالته من منصبه كرئيس للوزراء ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومستنكر لتقديم بن مبارك استقالته، بين من يرى أنها جاءت متأخرة بعض الشيء، وبين انها مجرد خطوة استباقية لكي لا تتم إقالته وبهذا يحفظ ما تبقى من ماء وجه إن كان ثمة فيه ماء، والحقيقة أن الرجل فشل فشلاً ذريعاً، إذ إن منصب كهذا كان أكبر من حجم وقدرات بن مبارك الذي جاءت به الظروف والأوضاع فقط إلى سدة رئاسة الحكومة..

ثم إنه ليس من المروءة أن يُرثى القادة لمجرد رحيلهم عن المناصب، ما لم تكن سيرتهم تستحق الرثاء فعلاً، فابن مبارك لم يكن يستحق كل هذا العويل والبكاء، فالتاريخ لا يخلّد المواقع، بل يخلّد المواقف والإنجازات، واليوم بينما يذرف البعض دموع الحسرة على رحيل الدكتور أحمد عوض بن مبارك من رئاسة الحكومة، فإن من الواجب أن نقف للحظة تأمل: ماذا قدم هذا الرجل ليستحق كل هذا البكاء والعويل والصراخ عليه؟ وما الذي يجعل البعض يصفه بـ"رئيس الوزراء الناجح"؟

إن المتابع للمشهد السياسي والاقتصادي في اليمن خلال مدة رئاسة بن مبارك، يدرك أن الأداء الحكومي كان في أسوأ حالاته، فمن تدهور العملة المحلية، إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، إلى ازدياد الفساد المالي والإداري الذي يزعم هو كذباً أنه جاء ليحارب الفساد، بل لكي يغرق في الفساد، ويغرق الشعب من خلفه، كان الفشل هو العنوان الأبرز لهذه المرحلة، وبدلاً من المبادرة إلى اتخاذ قرارات حاسمة تنقذ ما يمكن إنقاذه، ظل الرجل يراوح مكانه، مكتفياً بتصريحات إنشائية، وزيارات بروتوكولية، واضعاً يده على خده كمن تبكي على فقد بعلها في مجالس عزاء النساء، كل هذا دون أثر ملموس على أرض الواقع.

لقد غابت عن حكومته الرؤية الاقتصادية الواضحة، وتعطلت مشاريع التنمية، بينما ظل المواطن اليمني يرزح تحت وطأة الفقر والبطالة وغياب الخدمات الأساسية، أما عن ملفات الأمن، فحدّث ولا حرج، إذ لم تشهد البلاد أي تقدم ملموس في بسط الاستقرار أو تعزيز سيادة القانون.

وإذا كان معيار النجاح في نظر البعض هو القدرة على البقاء في المنصب لفترة أطول، فإن هذا المعيار لا يُسمن ولا يُغني من جوع، ولا يصلح لتقييم المسؤولين، فالنجاح يُقاس بالأثر، وبما يتحقق على الأرض من إنجازات لصالح الناس، لا بعدد السنوات في السلطة.

إن من الواجب على من يحب الوطن أن يتحرر من عاطفة التمجيد المجاني، وأن يُقيّم أداء المسؤولين بميزان الموضوعية لا المجاملة، أما الحنين إلى عهدٍ لم يحمل إلا الخيبات، فهو ضرب من الوهم لا يخدم إلا الفاشلين، وما أكثرهم اليوم، تم طي صفحة بن مبارك إلى غير رجعة لكي يبدء عهد جديد، لن أقول عليه إلا نسأل الله أن يكتب التوفيق والنجاح السداد للخلف، وأن يقدم رؤية واضحة وأن يرفع المعاناة عن المواطنين في كل مناحي الحياة، عندها سوف نرفع له القبعات وننحني أمامه تقديراً لما قام به لأجل هذا الشعب المطحون..

ودمتم سالمين