الجور يكشف المستور
بقلم: حسين سالم السليماني الحنشي
تعاني بلادنا من الظلم والجور الذي يدفع إلى كشف المستور الذي له قيمة مضافة ترجع إلى ثقافة المجتمع المحافظ إلى جانب العادات والتقاليد الموروثة...
لكن حينما نرى تلك الحرائر قد خرجن إلى الميادين والشوارع الرئيسية من أجل المطالبة بالحقوق فقط ، هذا يدل على خطورة الوضع الذي يعيشه المجتمع المدني للأسف الشديد ، وما نراه في صنعاء وعدن إلا تحصيل حاصل على مايحدث من قمع أو معاناة طويلة من الفقر المدقع أو الانفلات الأمني...
ومن الأمور التي تدفع الناس إلى الخروج أو يتلفظون بألفاظ خارجة عن المألوف، يرجع إلى ما يجنيه الجور من معاناة تفوق الصبر عند الأفراد ، ونحن لا يليق بنا اليوم ان نلحق العار الذي يمارس في صنعاء ان يكون بعدن !
إن خروج المحارم من بيوتهن التي هي قصور كانت عند الأجيال السابقة التي لم تحظى نساء حول العالم مما حظيت به المرأة في بلادنا، لقد حملت تلك الأجيال على ظهرها إكرامهن، فيكف إذا رأوا اليوم سقوط المروءة عند المتنفذين؟... إن خروج النساء في هذه المرحلة التي لم تشهدها بلادنا من قبل هو مؤشر خطيركما أسلفنا، فقد خرج الشباب فعادوا مبتورة أقدامهم، فخرج الرجل الكبير العاقل من أجل أن لا يحدث ما حدث مع الشباب وحتى يصل صوته ومطالبته بشكل عقلاني ، لكنه عاد مخنوقا أو كان معتقلا.
إن تكاثر الضربات على المجتمع المدني من الجرعات الزائدة في البيع والشراء، قد أوصل حالة الصبر إلى عنق الزجاجة ، فيبدو أن المتنفذين في هذه البلاد لا يتكلفون كثيراً من أجل إسعاد الشعب، ولهذا صار ما صار، من خروج الحرائر في بلادنا، وهن لايبالين بأي تسمية تطلق عليهن في هذه الحظة الفارقة، فهن ليس من عالم آخر بل هن الأمهات والأخوات والزوجات، احسسن بالشعور، بالإرهاق المتكرر دون حلول تذكر في الخدمات، وكأنهن يقولن: ما هي أعذاركم التي منعتكم من القيام بواجبكم تجاه مطالب شعبكم العادية والبسيطة؟!
حتى صار الشارع اليوم يردد بما يسمع كل يوم من معاناة، لقد أدرك الجميع بأن أصواتهم لاتسمع؛ لأن الحلول صارت ممنوعة من الصرف كما هو حال معاشاتهم التي طال عليها الأمد...
وبما أن الدولة ومؤسساتها لم تتغير مع تغير الحكومات، فهذا دليل على غياب المسؤول الذي يهتم بالحلول، لكنها صارت محاصصة عند المتنفذين، ولا تراهم في السنوات الماضية قد تأثروا مع الموقف والأحداث المهمة، فإنه في هذا السياق الحالي من الزمان والمكان والتاريخ يُطرح سؤال منطقي، وهو: من هو الخائن لأهله؟! فلم نشاهد تلك القيادة التي تزعم أنها تقود البلاد، بالعمل من أجل الشعب في تحسين وضعه، في هذه المرحلة التاريخية المنتكسة من حياتنا السياسية!
نعم فالنساء الحرائر، منهن المناضلات اللاتي يحملن في أنفسهن همّ التغيير والتعبير عن حقوق الشعب، ولديهن تحمل التكلفة الباهظة الثمن من أعمارهن، ولديهن القدرة على الحفاظ على منجزات الشعب... أما الطبقة السياسية والمتنفذة الذين صاروا عبء ثقيل على الشعب، بما فيهم من قيادات تعج بها رائحة الفساد العفنة حتى أصبح ووطننا لايطيقه الآخرون من تلك الروائح الكريهة. إن إهدار المال العام لفئة معينة ممن يمسكون بزمام الأمور ، هي لصوصية، كشفت عنها الأيام، وما نعانيه اليوم هو أكبر دليل ، فالفرق كبير وشاسع بين الشعب والمتنفذين.
لقد صار الناس يجوعون، ولا يجدون الماء النظيف، ويلبسون البالي من الثياب، ولا يعلّمون أولادهم، ويمرضون ولا يتعالجون، وفقدوا من دخلهم مايفوق التصور حينما انهارت العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، فأصبح الجميع لايملك شئ بين لليلة وضحاها، لكن الطبقة السياسية، تتنعم في الفلل الفارهة، والفنادق خمسة نجوم، والمطاعم السياحية، والسيارات الفخمة، والسفريات، والمدارس والجامعات الأجنبية لأولادهم.
يبدو أن النساء باعتبارهن شقائق الرجال في مجتمعنا المحافظ، ستتحول من الدلالة على النساء إلى الدلالة على الطبقة السياسية والمتنفذة في بلادنا، وسيُنزعن ما عجز عنه الرجال، والأيام دول.