احترامي للصوص

كتبها/حسين السليماني الحنشي 

احترامي للصوص اليوم غير احترامي للصوص في الماضي؛ فقد كان اللص يسرق ويتم القبض عليه ، ثم نقيم عليه القصاص ، وهو انسان ممتهن ضعيف حتى في بعض الأحيان يقوم البعض بالصدقة له ، كأعطاه وجبة خفيفة يأكلها اونتصدق عليه بملابس باليات...

لكن اليوم نحن أمام هامة كاملة من الإنسان السوي الذي يضرب به المثل الأعلى...

واللص اليوم يختلف اختلافا كبيرا عن اللص في الماضي ، فهو القائد الأعلى أو النائب الأول أو المرشد العام الذي نتعلم منه كيفية اللصوصية المتبادلة حتى جعلنا منها صفة يتمنى الجميع الوصول إليها...

دخلت على التلاميذ وهم في الصف الثالث الابتدائي وتحدثت معهم عن المستقبل...

فقلت لهم: ماذا تتمنون في المستقبل؟

أجاب أغلبهم ، مسؤول!

فقلت لأحدهم وهو أفضل التلاميذ: لماذا تتمنى أن تكون ، مسؤولاً ؟

فأجاب التلميذ: يعتبر صاحب المجد في وطننا اليوم فهو يملك الأموال العامة والبناء والمقاولات والعقارات والخدمات الخاصة والبنوك والشركات الخاصة والحكومية بأنواعها حتى أنه يملك في الداخل والخارج ، فمن يحصلون على هذا المستقبل هم الوحيدون من يحق لهم التحدث عن كل شيء ، فهو الطبيب وصاحب المستوصفات الكبيرة والكثيرة، وهوالمهندس الذي يملك مالا يملكه المهندسون.  

فأنا يا أستاذ أن أخترت هذا المستقبل فهو يعم كل التخصصات...

فقلت للتلميذ: وكيف نحصل على هذا المستقبل ؟

هل له جامعات ومعاهد ندرسها؟قال التلميذ: لا، فعمي وواحد آخر من عائلتي مسؤول كبير ، وحينما سألت عن تخصصه الدراسي للأسف واحد منهم معه شهادة بسيطة ووصل إلى رئيس الوزراء وواحد ليس معه شهادة علمية وصل إلى وزير، والآخر من عائلتنا قائد ألوية وكتائب اقوى تقريباً من الجيش والشرطة، وهو لايملك شئ من المستويات التعليمية، حتى أنه لم يتخصص في عمله العسكري..

والآخر يملك شراكات كبيرة ، وهذا بدأ بتكوين عمله التجاري مع الصبر المثابرة حتى فتح له المجال وأصبح يملك أكبر البنوك، وتعدى محيطه المحلي...

فقلت هؤلاء سرقة ولصوص وليسوا إلا كذلك.

فقال التلميذ: أنهم أصاحب نفوس عفيفة. ويدا نظيفة...

فهم من يبني المساجد ، والآخر منهم كان في منتدى أدبي يناقشون كيفية إقامة الأربعينية عن حياة شاعر مات وكان يقول هو فقط من بين الحاضرين : كم هي ديونه اولا؟!، أليست هذه يا أستاذ، قمة الإنسانية؟

صفق التلميذ...

فخرجت من الصف ، وإذا بمسؤول قد دخل المدرسة وهو يجمع التلاميذ ويوزع لهم حقائب عليها إعلانات عن شركة أحد المسؤولين...

فصدق الشاعر، عبدالرحمن بن مساعد، حين قال: 

احترامي للحرامي!!

احترامي للحرامي صاحب المجد العصامي.. 

يولي تطبيق النظام،

أولوية واهتمام.. 

ما يقرب للحرام.. 

إلا في جنح الظلام.. 

صار في الصف الامامي.. احترامي للحرامي.. 

احترامي للحرامي صاحب المجد العصامي.. 

يسرق بهمه دؤوبة.. 

يكدح ويملا جيوبه.. 

احترامي للحرامي!! 

احترامي للحرامي صاحب المجد العصامي .

صار يحكي في الفضاء، 

عن نزاهة مامضى ،

وكيف آمن بالقضاء ،

وغير حقه ما ارتضى ،

صار في الصف الامامي احترامي للحرامي... 

آكل أموال العباد.. 

والجشع في الازدياد.. 

والتحول في البلاد.. 

من عمومي للخصوصي.. احترامي للصوص!!