الأيام العشر !!
ما أعظمها من أيام .. وما أجلّها من لحظات .. تلك العشر المباركات من ذي الحجة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بفضلها ورفع الله من شأنها وأقسم بها في كتابه فقال عز من قائل : { والفجر، وليالٍ عشر } .
ففي الحديث الشريف قال الحبيب المصطفى
صلى الله عليه وسلم :
“ ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ” .. يعني بها العشر الأُوَل من ذي الحجة ..
فتعجّب الصحابة وسألوه : ولا الجهاد في سبيل الله ؟
فقال : “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ”.
تأمّل ! أيُّ فضلٍ هذا الذي تبلغه وأنت في بيتك تتنفس نسائم هذه الأيام العظيمة ؟!
أيُّ نعمةٍ أعظم من أن تسبق المجاهد في سبيل الله بصلاةٍ وصدقة وذكرٍ وتسبيح وصيامٍ وقيام ؟
إنها حياة المسلم حين تفيض بالطاعات ويزدان فيها العمر بالأعمال الصالحة .. فتغدو البركة ضياءً والسعادة ظلاً وارِفاً .
وقد أكرمها الله جلّ في علاه بالقَسَم فهل يُقسم الله إلا بعظيم ؟!
فدلّ ذلك على جلال منزلتها .. وسموّ قدرها !!
وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن تفضيل أيام عشر ذي الحجة أو عشر رمضان
فقال قولاً بديعاً :
“ أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان،
وليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة .”
وها هو الشيخ العلّامة ابن عثيمين رحمه الله يسأل طلابه :
“ رجلٌ تصدّق بدرهمٍ في رمضان، وآخر تصدّق بدرهمٍ في عشر ذي الحجة، فأيّهما أفضل ؟”
فاختلفوا فقال الشيخ :
“ الذي تصدق في عشر ذي الحجة أفضل والذي صلى ركعتين في ذي الحجة أفضل والذي قال : سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، في ذي الحجة، فهو أفضل من رمضان ”.
فيا من نويت الخير ألا تستغل هذه الفرصة
التي لا تتكرّر إلا مرة في العام ؟
ألا تُشمّر عن ساعد الجدّ وتُقبل على الله
إقبال الظامئ على المورد العذب ؟!
صلِّ في وقتك وأكثر من النوافل وداوم على قيام الليل وأحيي قلبك بقراءة القرآن !
وصم فما أعظم الصيام في هذه الأيام وخاصة يوم عرفة فقد قال فيه صلى الله عليه وسلم :
“ صيامُ يومِ عرفةَ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه والسنةَ التي بعده ”.
وتصدق .. فإن في الصدقة تطهيراً للنفس وزكاةً للمال
وقد قال صلى الله عليه وسلم :
“ ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكًا تلفاً ”.
ولا تنس الذكر فهو زاد الأرواح وسلوى القلوب
قال تعالى: { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ }.
فأكثر من التكبير والتحميد
والتهليل والاستغفار والدعاء ..
وفي الختام :
نسأل الله العليّ القدير أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
وأن يجعلنا من المقبولين الفائزين في هذه الأيام المباركات
والحمد لله على نعمة الإسلام ..
وصلاةً وسلاماً على من بعثه الله رحمةً للعالمين
وسراجاً منيراً ..
وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين .
وكل عام وأنتم إلى الله أقرب
وفي طاعته أرغب .