الجنوب ساحة مفتوحة للعبث السياسي

في الآونة الأخيرة، تكررت المشاهد التي تُظهر بعض القيادات العسكرية والسياسية العائدة من أبو ظبي أو الرياض، بعد قضاء فترة تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة عشر يومًا، وهم يظهرون على شاشات التلفزيون بلباس أنيق، يحملون حقائب ممتلئة بالأموال والعطور الفاخرة والملابس ذات العلامات العالمية.

هذا العرض الإعلامي المبالغ فيه يُقدَّم لنا على أنه جزء من “إنجازات” الشرعية أو الانتقالية أو حتى بعض التحالفات السياسية، في حين أن الواقع على الأرض في الجنوب أو في المناطق المحررة يُظهر صورة مختلفة تمامًا: أمن هش، معيشة صعبة، وشعب يعاني في ظل هذا الترف المستفز.

وفي المقابل، نجد أن المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين يسودها غموض تام. يسافر قادتهم إلى إيران ويعودون دون أن يعلم الشعب بأي تفاصيل، وقد أصبحوا جزءًا من المشروع الإيراني سواء من حيث العقيدة أو الولاء أو التبعية السياسية.

لكن المشكلة الكبرى تكمن في الجنوب، حيث الفقر يتفاقم، والناس يعانون بين نارين: سلطة فاسدة هنا، وهيمنة غامضة هناك. المواطن الجنوبي لم يعد قادرًا على احتمال هذا التناقض الصارخ بين ما يُعرض على الشاشات وما يعيشه في واقعه اليومي.

وهنا نتساءل:
هل هذه البهرجة الإعلامية التي تصاحب عودة بعض القادة تمثل ثمنًا لنضال مزعوم؟
هل استحق هؤلاء ما نالوه فعلًا؟
أين هو دور الإعلام والمثقفين في كشف الحقيقة ومصارحة الناس؟
وهل جاء التحالف ليمنح الصلاحيات والامتيازات لفئة محدودة على حساب بقية الشعب؟

هذه الأسئلة يجب أن تُطرح بصوت عالٍ، ويجب أن تكون هناك شفافية حقيقية حول ما يجري. ليس من المقبول أن يظل الشعب مجرد متفرج على صفقات ومشاهد محسوبة، بينما يزداد فقرًا ومعاناة.

المطلوب اليوم هو وعي جماهيري وموقف صريح من القوى السياسية والإعلام الحر، كي نعيد ترتيب الأولويات، ونعيد الأمور إلى نصابها قبل أن يفوت الأوان.