قصع الموالعة
بقلم: محمد ناصر العولقي
يعود أصل كلمة سيجارة الى مصطلح «سيكار» بلغة حضارة المايا ( سي'ك وتعني بالعربية تبغ ) ومعنى مصطلح سيكار : «تدخين أوراق تبغ ملفوفة» ، ومنهم، استعمل الإسبان مصطلح «سيكارو». ووصلت 'لى العربية من الإنكليز الذين بدأوا استعمال كلمة «سيكار» عام 1730.
كانت أول سيجارة أشعلت في العالم على يد شعب المايا، وكان التدخين في حضارة المايا القديمة من امتيازات الكهنة الذين يدخنون خلال تأدية الطقوس الدينية.
وفي العصر الحديث، يعتبر الأميركيون الأصليون من الشعوب التي لعب التبغ لديها دوراً كبيرا ، ويعود التدخين إلى عام 1492، حيث أعيد اكتشافه في أميركا، وكان حكرا على الأغنياء فقط، قبل أن يبدأ التصنيع التجاري في القرن الـ 19.
في عام 1531 تمت زراعة التبغ لأول مرة في أوروبا في «سانتو دومينغو». وبحلول عام 1600، انتشر استخدام التبغ في جميع أنحاء أوروبا وإنجلترا وكان يُستخدم كمعيار نقدي، وهي ممارسة استمرت طوال قرن كامل. كذلك، فقد تبنى الأوروبيون الشماليون الغليون وفضل الإسبان ومنطقة البحر الكاريبي تدخين السيجار
وفي بداية القرن السابع عشر، كان التبغ يُزرع في الهند والصين واليابان وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وغرب إفريقيا.
.وقد أصبح التدخين في القرن الثامن عشر الميلادي أكثر انتشارًا ، ثم في النصف الثاني من القرن التاسع عشر،بدأ الإنتاج التجاري الواسع عبر الآلات بمعدل 200 سيجارة في الدقيقة..
واستخدم الأيروكوا النيكوتين لعلاج ألم الأسنان، كما استخدمه هنود وسط المكسيك لآلام الأذن، وقبيلة الشيروكي كمسكن عام للألم، وفي غواتيمالا كمطهر للجروح.
كذلك، لعب النيكوتين دوراً اجتماعياً كهدايا تقوي الروابط الاجتماعية، وقرابين للآلهة، وفي الاتفاقيات السياسية حيث يمرر الغليون على المجتمعين .
أما مصطلح ( قصع ) فهو مصطلح جعاري ، ويقترن بالخطوات الأولى لأطفال جعار أيام زمان للدخول الى عالم المولعة ، حيث يبدأ الطفل ( المولعي المرشح ) بتعقب مجالس المدخنين وتقليدهم من خلال التقاط بقايا السجارة التي يرمونها ، ويقوم بإشعالها وتجريب أثرها ، وقصع .. قصع حتى تتمكن منه عادة التدخين ، فينتقل الى حبة حبة ثم باكت باكت ثم يلعن ( أبو ) اليوم الذي عرف فيه القصع .
بالنسبة لي فقد بدأت تجربتي في التدخين بليف قرطة القصب اليابس ، فكنت أقشر السطح العلوي وأثقب جزء من القرطة وأشعله كالسيجارة ومز لي نخس نخسين ، وكان حارا جدا ويعمي العين ، فلما أشعر بعيني كأنهن سينكعين أقوم برمي ( السيجارة المزيفة ) ، ثم تعلمت من بعيد الى بعيد تجربة الأقصاع وكنت أحرص على تأمين المكان من جميع النواحي لكي لا يراني أحد .
وكان في جعار أطفال وشباب كثيرون مشهورون ( بالأقصاع ) ، وتحدث بينهم شجارات عليها ، إذ تكون بعض الأقصاع كبيرة وبعضها بالكاد يترك منها مدخنها الأصلي جزءا يسيرا لموالعة الأقصاع ، فكان القصع يشير الى الحالة الاقتصادية لصاحبه ، كما كان يشير أيضا الى مدى توفر السجارة في الأسواق ، ففي سنوات السبعينيات مر الموالعة بأزمة شديدة في الحصول على السيجارة بسبب منع استيراد السجاير من الخارج والاعتماد كليا على السيجارة المحلية ( بال مال وردفان ) ، وكانت السجاير تباع من قبل الدولة فقط ، وصرفت بطائق خاصة للموالعة لا تمنح إلا لمن هو فوق 18سنة بمعدل باكت واحد للمولعي في اليوم ، ويقف الناس طوابير امام محلات البيع ، وكانت هناك أيضا سوق سوداء يباع فيه الباكت في السر بضعف ثمنه لمن لا يكتفي بباكت واحد في اليوم ، ثم انتجت سجارة جديدة رخيصة ولكنها رديئة جدا اسمها ( شمسان ) ، ونظرا لقلة الإقبال عليها فقد كانت محلات الدولة تشترط على المولعي الذي يشتري باكت بال مال أو ردفان أن يشتري معه باكت شمسان ، فسماها الناس ( حبني بالغصب ) ،
وصار الموالعة يقولون للبائع : هات واحد باكت حبني بالغصب ويفهم البائع تلقائيا المقصود ، والشيء الطريف أنه حتى هواة البحث عن الأقصاع كانوا يكرهون الشمسان وأقصاع الشمسان !!!
لا تنسوا إن التدخين مضر بالصحة