مهرجانات تحكي قصة الأرض والبحر

في قديم الزمان، حين كانت الأرض تتحدث بلغة المطر والريح، عاش قومٌ على سفوح الجبال وفي حضن البحر، يترقبون مواسم الخير كما يترقبون طلوع الفجر.

كان أهل يافع يرون في موسم الأمطار بشارة للحياة، فيقيمون احتفالاتهم في مهرجان يافع التراثي، حيث تُقرع الطبول كأنها نداء للأرض كي تنبض بالنماء. وعلى سفوح تلك الجبال الشاهقة، كانت الأهازيج ترتفع، تحكي عن رجالٍ رسموا ملامحهم في ذاكرة التاريخ، يرددون الزوامل كأنها عهود موثقة بين الإنسان وأرضه.

وفي الساحل، حيث البحر يحمل أسراره، كان أهل المكلا ينظرون إلى برودة البحر كبشارة خيرٍ قادم، فتقام طقوس مهرجان البلدة، حيث الصيادون يلقون شباكهم ليس فقط ليصطادوا السمك، بل ليحصدوا وعود البحر بالرخاء. كانت الرقصات الشعبية هناك ليست مجرد حركات، بل كانت لغة تحكي عن آلاف السنين من العيش المشترك بين الإنسان والماء.

مهرجان الهجر، يملأ القلوب رهبةً وأملًا ،كان يُقام عندما يجتمع الرجال ليرددوا أهازيج تتحدث عن تاريخ القبائل، وتُقرع الطبول بإيقاعٍ يشبه نبض الأرض نفسها.

ولأن الأزمان تتغير، لم تبقَ هذه الاحتفالات مجرد طقوس ذات مدلولٍ ديني، بل تحولت إلى رموز ثقافية تُخبر الأجيال القادمة بأن علاقتهم بالأرض والبحر ليست مجرد مصدر رزق، بل جزء من هويتهم، جزء من قصة كتبها الأسلاف وورّثوها لمن سيأتي بعدهم.