الموظف الحكومي بين مطرقة تأخير الراتب وسندان فقدان قيمته الشرائية

في ظل الأزمات الاقتصادية المتراكمة التي تعاني منها البلاد، يعيش الموظف الحكومي اليوم واقعًا مريرًا تتنازع فيه قوت يومه ضغوط مزدوجة، كتأخير صرف الراتب من جهة، وتراجع قيمته الشرائية بسبب الانهيار المتسارع للعملة المحلية من جهة أخرى.

لم يعد الراتب الشهري، وإن صرف، كافيًا لتلبية أبسط الاحتياجات اليومية للموظف وأسرته، فمع كل يوم تأخير، تتآكل القدرة الشرائية أمام أعين المواطنين الذين يرون الأسعار في الأسواق تقفز دون سقف، بينما عملتهم تنهار بشكل متسارع ومخيف، وهذا التأخير لا يقتصر على أيام أو أسابيع، بل قد يمتد أحيانًا لأشهر، تاركًا خلفه عجزًا متزايدًا في تلبية الالتزامات الأساسية مثل الإيجار، الأقساط، الغذاء، والدواء.

ان هبوط العملة المحلية أمام  الدولار والريال السعودي والدرهم الاماراتي جعل من الرواتب مجرد أرقام لا تسمن ولا تغني من جوع، فالراتب الذي كان قبل سنوات يكفي للمعيشة الكريمة، بات اليوم لا يغطي إلا النفقات الأساسية لأيام معدودة، وتزامن تدهور العملة مع غياب سياسات اقتصادية ناجعة، فاقم من الوضع المعيشي للموظف الذي أصبح في حالة صراع دائم مع الغلاء الفاحش والتضخم.

هذا الضغط المالي المزمن لا يمر دون آثار جانبية، فقد شهد ارتفاعًا في معدلات القلق المزمن والاكتئاب والجنون بين الموظفين، إلى جانب تصاعد حاد في حالات الديون والاقتراض من مصادر غير آمنة، كما تفشى الفساد الوظيفي كنتيجة طبيعية لحالة العجز والفقر والعوز.

إن استمرار هذا الوضع ينذر بكارثة اجتماعية واقتصادية، ما لم تتخذ إجراءات عاجلة، تشمل:
* انتظام صرف الرواتب في مواعيد محددة مهما كانت التحديات.
* ربط الرواتب بمؤشر غلاء المعيشة لمواكبة التضخم.
* تحسين إدارة النقد والسياسات المالية للحد من هبوط العملة.
* هيكلة وصرف الراتب بالريال اليمني لكل موظفي جهاز الدولة مدنيين وعسكريين.

خاتمة: 
بين مطرقة تأخير الراتب وسندان التضخم، يقف الموظف الحكومي متعبًا، تائهًا، يبحث عن بارقة أمل في نظام يكفل له حياة كريمة، ويعيد له شيئًا من الاستقرار المعيشي الذي فقده، فهل من مجيب!؟