الإدارة الأمريكية تحافظ على بقاء الحوثيين لخدمة مصالحها

رغم ما تمثله المليشيات الحوثية من تهديد صريح لاستقرار اليمن وأمن دول الجوار والملاحة الدولية في البحر الأحمر، تبرز تساؤلات مشروعة حول حقيقة موقف الولايات المتحدة الأمريكية من هذه المليشيات، وسط دلائل عديدة تشير إلى وجود رغبة أمريكية ضمنية في استمرارها، لا القضاء عليها.


ففي الوقت الذي تتوفر فيه المبررات الكافية للقضاء على هذه المليشيات الإجرامية، نجد الإدارة الأمريكية التى تمتلك من القوة العسكرية ما يكفي لمسح هذه المليشيات التخريبة من على الخارطة في أيام معدودة تكتفي باستخدام أدوات القوة الناعمة متى ما اعترضت هذه المليشيات مصالحها، أو متى ما تمادت في تهديد حلفائها. وكأنها ترسل رسائل تأديبية مؤقتة لا أكثر، دون اتخاذ خطوات حاسمة تضع حداً لتهديداتها المتواصلة، سواء ضد الداخل اليمني أو ضد دول الجوار أو ضد أمن البحر الأحمر والممرات الملاحية العالمية.


الإدارة الأمريكية تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم ورقة ضغط قابلة للاستخدام في لعبة توازنات إقليمية معقدة. فهي تستفيد من بقاء تهديداتهم، في تحقيق جملة من الأهداف أهمها : ابتزاز دول الجوار وتلقي الدعم بما في ذلك الحماية البحرية والمساعدات الأمنية، وتثبيت نفوذها في المياه الإقليمية، فاستمرار التوتر في البحر الأحمر وباب المندب يضمن لها المبرر الدائم لتواجدها العسكري في هذه النقاط الحساسة، ويتيح لها المجال في التدخل بالشأن اليمني وتوجيه دفته.


إن الإدارة الأمريكية لا ترغب في القضاء على المليشيات الحوثية بطريقة مباشرة، وفي نفس الوقت تعترض طريق القوات المشتركة القادرة على الحسم العسكري وإنهاء الغطرسة الحوثية، من خلال تدخلها المتكرر سواء عبر الضغوط السياسية أو عبر المبادرات والاتفاقيات الدولية التى توفر للمليشيات الحوثية الغطاء السياسي والدبلوماسي الذي يحول دون تقدم القوات المشتركة، ويعمل على تثبيت الواقع القائم، ومنع أي اختراق حقيقي في صفوف المليشيات، ما يبقي التهديدات قائمة، ويخدم الأجندة الأمريكية الغير معلنة.


ان استخدام الإدارة الأمريكية للجماعة الحوثية كأداة في صراع مصالح لا علاقة له بالسلام ولا بالاستقرار أمراً مؤسف، واستمرارها في هذه السياسة، يُعد مساهمة عن قصد أو غير قصد في إطالة أمد الأزمة اليمنية، وتعريض المنطقة برمتها لمزيد من التوتر وعدم الاستقرار.


إن المصلحة الحقيقية للمنطقة ولليمن تكمن في دعم الجهود الوطنية لإنهاء وجود هذه المليشيات المسلحة، وتمكين الدولة اليمنية من بسط سلطتها على كامل ترابها، بعيداً عن حسابات الابتزاز الإقليمي وأهداف الهيمنة الدولية.