البصمة الكربونية لكرة القدم بطولات بمليارات الأطنان: كيف تُسهم كرة القدم في أزمة المناخ؟

البصمة الكربونية لكرة القدم بطولات بمليارات الأطنان: كيف تُسهم كرة القدم في أزمة المناخ؟

(أبين الآن) متابعات خاصة

تجذب كرة القدم قاعدة جماهيرية عالمية تُقدّر بنحو 3.5 مليار شخص، ما يجعلها الرياضة الأكثر شعبية في العالم.


لكن هذا الانتشار الهائل، وما يصاحبه من تنقلات جماهيرية وتنظيم بطولات كبرى، يفرض كلفة بيئية عالية. ومع انطلاق كأس العالم لكرة القدم 2025، تسلط منظمة Earth.Org الضوء على الأثر البيئي الحقيقي للعبة، وتنامي الوعي المناخي بين جماهيرها.


مشجعون كرة قدم
عبء السفر والانبعاثات

يصعب حساب انبعاثات الأندية بشكل دقيق، نظرًا لتفاوت أحجامها ومواقعها، إلا أن سفر الفرق والمشجعين يبقى العامل الأبرز في التأثير البيئي السلبي للعبة.

وتشير التقديرات إلى أن صناعة كرة القدم تنتج أكثر من 30 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، أي ما يعادل إجمالي انبعاثات دولة مثل الدنمارك.


ملاعب كرة قدم
بطولات كبرى.. وانبعاثات ضخمة

في كأس العالم للرجال 2022 بقطر، بلغت الانبعاثات نحو 3.63 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.

ساهم النقل بنسبة 52% من الإجمالي، في حين جاءت الإقامة بنسبة 20%، والبناء المؤقت والدائم للمرافق بنسبة 23%.

أما بقية الانبعاثات فنتجت عن الخدمات اللوجستية والإعلام والتشغيل والطاقة.

ورغم إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن البطولة ستكون خالية من الكربون من خلال “التعويض”، إلا أن البيانات أظهرت عكس ذلك، ما دفع محللي المناخ إلى اعتبار تلك الادعاءات وسيلة للتحايل على التخفيض الفعلي للانبعاثات، وتعزيز مفهوم مضلل عن “الحياد المناخي”.

أوروبا 2024: جهود الاستدامة تواجه الواقع

بطولة أوروبا 2024 تقام هذا الصيف في ألمانيا، وسط استثمار بقيمة 32 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA) في مبادرات استدامة بيئية. تتضمن الخطط تذاكر مخفضة للسفر بالقطار ونقلًا محليًا مجانيًا لحاملي التذاكر.

لكن رغم هذه المبادرات، يُتوقع أن تُنتج البطولة نحو 490 ألف طن من الانبعاثات، منها 400 ألف طن نتيجة سفر المشجعين وحده، أي أكثر من 80% من الإجمالي.

وتساهم البنية التحتية المتطورة في ألمانيا في تقليص الانبعاثات الناتجة عن مصادر أخرى كالملاعب والخدمات، لكنها لا تحد من البصمة المرتبطة بالسفر الدولي.


بطولة أوروبا 2024 لكرة القدم
كأس العالم 2026 و2030: تعددية القارات.. وتعدد الانبعاثات

يتّجه مستقبل كرة القدم إلى استضافة بطولات على نطاق أوسع وأكثر تعقيدًا من الناحية البيئية.

فبطولة 2026 ستُقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، تليها بطولة 2030 التي ستُقام في إسبانيا والبرتغال والمغرب، مع مباريات احتفالية في الأرجنتين وأوروغواي وباراغواي.

هذا الامتداد الجغرافي الضخم يزيد من الانبعاثات الناتجة عن السفر والبنية التحتية، خصوصًا مع مشاركة عدد أكبر من المنتخبات (48 بدلًا من 32).

كما يتعرض الفيفا لانتقادات متزايدة بسبب تجاهل المعايير البيئية عند منح استضافة البطولات، كما حدث مع اختيار السعودية، الدولة النفطية، لاستضافة كأس العالم 2034.


كأس العالم
التوسع الأوروبي.. مزيد من الأميال والانبعاثات

يُتوقع أن يشهد موسم 2024/2025 توسعًا كبيرًا في البطولات الأوروبية، بما في ذلك دوري السوبر الأوروبي المحتمل، ما سيضيف 177 مباراة جديدة.

وتشير أبحاث BBC إلى أن هذه الزيادة سترفع المسافات الجوية المقطوعة من 1.5 مليار ميل في موسم 2022/2023 إلى قرابة 2 مليار ميل في موسم 2024/2025.

نتيجة لذلك، يُتوقع أن تصل الانبعاثات إلى 500,000 طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، مقارنة بـ368,388 طنًا في الموسم السابق.

هذه الأرقام تؤكد أن توسيع البطولات لا يخلو من تكلفة بيئية باهظة.


كرة القدم
مبادرات بيئية.. ونقطة انطلاق لا أكثر

في عام 2016، أطلقت الأمم المتحدة “إطار الرياضة من أجل المناخ”، داعيةً الكيانات الرياضية إلى تحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2040.

انضم إليه الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2021، وتبعه عدد من الأندية مثل أرسنال وليفربول وتوتنهام ونيوكاسل.

من جهته، أعلن الفيفا استراتيجيته المناخية، والتي تهدف إلى خفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الكربوني.

كما انضم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لحملة “السباق نحو الصفر” عام 2022، متعهدًا بخفض الانبعاثات إلى النصف بحلول 2030، وأصدر إرشادات تساعد الأندية على تحسين استهلاك الطاقة والمياه والبنية التحتية وتصنيع الأغذية والملابس.


ملاعب كأس العالم لكرة القدم 2026
حاسبة البصمة الكربونية.. أداة جديدة

في مارس 2024، أطلق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “حاسبة البصمة الكربونية”، وهي أداة رقمية لمساعدة الأندية والفرق على تتبع وإدارة انبعاثاتها، بما يشمل النقل والسلع والخدمات.

ووفقًا لميشيل أوفا، مدير الاستدامة في الاتحاد، فإن الهدف هو تعزيز فهم الأندية لانبعاثاتها وتحفيزها على اتخاذ إجراءات فعلية.

نائبة رئيس الاتحاد، لورا ماكاليستر، أكدت أن الأداة تمثل خطوة لتأكيد أن كرة القدم يمكن أن تكون جزءًا من الحل، وليس فقط من المشكلة.

المشجعون الشباب.. مفتاح التحول الأخضر
أظهرت دراسة أجرتها وكالة Rising Ballers أن 72% من مشجعي كرة القدم من الجيل Z يهتمون بالبيئة، ويرى 61% منهم أن على اللعبة أن تكون أكثر مراعاة للمناخ.

ويعتقد 40.2% أن النفايات تُعد المصدر الأكبر للانبعاثات، مقابل 32.5% للنقل، و18.1% للملاعب، و9.2% للطعام والشراب.

ورغم أن التقديرات البيئية تؤكد أن النقل هو المصدر الأكبر، إلا أن هذه الآراء تعكس أهمية التوعية، وضرورة تقديم حلول عملية مثل النقل الأخضر، وتثقيف الجماهير حول خياراتهم البيئية.

كما تكشف الدراسة عن توجهات استهلاكية جديدة: 54% من المشجعين الشباب يفضلون شراء منتجات من علامات تجارية مستدامة، ما يمنح الرعاة فرصًا غير مسبوقة للتفاعل مع جمهور بيئي الوعي.