الوضع لا يُطاق ارحموا عدن

في عدن لم تعد الحياة تُحتمل المدينة التي كانت تُلقّب بـعروس البحر العربي أصبحت اليوم مدينة تصارع للبقاء وسط حرارةٍ لاهبة وظروفٍ مأساوية فاقت كل طاقة بشر المواطن العدني لم يعد يطلب الكثير لا يبحث عن رفاهية ولا يحلم بإنجازات عظيمة بل أقصى أمنياته باتت ساعات قليلة من الكهرباء ليهنأ بقليلٍ من الهواء البارد ويأمن على أسرته من خطر المرض أو الموت المفاجئ.

درجة الحرارة في الصيف تقارب الخمسين مئوية وبينما تتوالى موجات الحر تنقطع الكهرباء لساعات طويلة تتجاوز الثماني عشرة ساعة يومياً يعيش الناس في ظلامٍ دامس وحرارة خانقة لا ترحم صغيراً ولا كبيراً لا مراوح تعمل ولا ثلاجات تحفظ طعاماً ولا أجهزة طبية تُنقذ حياة مريض كل شيء توقف إلا آهات الناس وتذمرهم وبكاؤهم من حالٍ لم يعودوا قادرين على احتماله.

في الأحياء المكتظة يفرّ الناس إلى الشوارع ينامون على الأرصفة يفترشون الأرض عند مداخل البيوت أو يتزاحمون على السواحل والموانئ لعلهم يجدون نسمة هواء تنقذ ما تبقى في صدورهم من حياة مشاهد مؤلمة لأطفال جلودهم تقشّرت من حرارة الغرف ولشيوخ لم يحتملوا رطوبة الليل الخانقة ولسيداتٍ يحاولن تهوية أبنائهن بمراوح يدوية صنعها الفقر والعجز.

ولم تقتصر المأساة على البيوت فقط بل امتدت إلى المستشفيات التي امتلأت بالمرضى المصابين بأمراض الضغط والسكري والربو حيث الكهرباء ضرورة حياتية لتشغيل الأجهزة الطبية وأجهزة التنفس والتبريد الأطباء والممرضون يكافحون لإنقاذ الأرواح وسط ظروف لا تليق بقطاع صحي يُفترض أن يكون ملاذ الناس في أوقات الشدة.

نحن لا نتحدث عن أزمة عابرة بل عن كارثة إنسانية متكررة تهدد حياة مليون ونصف إنسان في مدينة عدن نحن نتحدث عن أمهات يبكين من العجز أمام بكاء أطفالهن وعن آباء يتقطعون من القهر لأنهم لا يستطيعون تأمين المروحة أو العلاج وعن مرضى يقبضون على أنفاسهم الأخيرة في ظل نظام صحي منهك وخدمات شبه منعدمة.

فأين حكومة الشراكة ؟

أين وزارة الكهرباء؟

أين الضمير؟

كفى تجاهلًا كفى صمتاً فالوضع لم يعد مجرد خلل فني أو عجز في الوقود بل أصبح فشلاً إدارياً وانهياراً أخلاقياً تجاه شعب صابر وصل إلى أقصى حدود التحمل.

رسالتنا إلى قيادة التحالف وعلى راسها الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وكل مسؤول في المجلس الرئاسي وحكومة الشراكة أو أي جهة معنية بإدارة شؤون الناس ارحموا عدن أنقذوا أهلها ابدأوا بخطة إسعافية عاجلة لإنقاذ شبكة الكهرباء واستيراد الطاقة أو تحسين تشغيل المحطات المتوقفة ولو حتى بتكلفة عالية فإن حياة الناس لا تُقدّر بثمن.

لا تجعلوا من عدن مدينة منكوبة بالصمت ولا تسمحوا لمآسيها أن تتكرر كل صيف بلا حل فالناس هنا لا يعيشون إنهم يحتضرون ببطء.