المسميات والعقول المتهورة
بقلم/ حسين السليماني الحنشي
ماجعلنا نعيش الأزمات هي تلك العقول المتهورة المندفعة، بينما نحن أمة من أعظم الأمم التي لها إطار منحها الله به، مما جعلها تتمتع به من بين الأمم الأخرى، وهو اللغة الواحدة والدين الواحد والجغرافيا الأهم بين بلدان العالم، إلى جانب الثروات الطبيعية.
لهذا كانت الأمم الاخرى، ترى في الأمة العربية خطراً حقيقياً وكبيراً على مصالحها ووجودها، فاجتمعت كل هذه المخاوف من الأمة العربية ، عند اسرائيل اليهودية والغرب النصراني وإيران الفارسية، فعمل الكل ضد الأمة العربية، واعتبرها تشكل خطراً حقيقيا وكبيراً على مصالحها، وترى إيران الفارسية واسىرايل اليهودية، إن العرب يشكلون خطراً وجوديا عليها، فتجد المصالح دائماً تلتقي عند الحرب على الإسلام السني، فالتجأت تلك الدول ومن قبلها الإستعمار إلى تقسيم الأمة العربية وزرع الفتن فيها مثل المناطقية والحزبية والجهوية والقبلية وغيرها من المسميات.
حتى وصلت أغلب أمتنا في حربها ضد بعضها البعض إلى الدخول في النوايا التي لا يعلمها إلا الله، فخرجت لنا المعقول المندفعة، ومشينا تحت قيادتها نحو المجهول ...
فكان منها على أرض الواقع، هذا، إخواني وهذا سلفي علمي وهذا سلفي متبع وهذا صوفي وهذا أشعري، وهذا يتبع الشيخ فلان، وهذا يتبع الشيخ فلان، وهذا يتبع مركز فلان وهكذا... فإذا رجع أحدنا إلى مكتباتهم التي يأخذون الاستدلال بها، تجد كتبهم واحدة في أغلبها، وهي الأساس في مناهجهم !
فأصبحت كثيرة تلك المسميات من أجل النزاعات، لا من أجل الاتنفاع والرحمة...
إن صلاح الدين الايوبي، محرر القدس، أشعري ولم يفصل من جيشه وأتباعه أحد على الرغم من الاختلاف بينهما لكن الكل سار تحت الراية التي يحملها، فكانت الهزائم المستمرة لمن يقف أمامه.
فهذه المسميات ظهرت اليوم ومن قبل حينما تكون الحرب ضد الإسلام وشعوبه، ويلجأ العدو إلى الحرب الداخلية بين تلك التشكيلات، حتى يتم أضعاف القوى القوية وضربها من الداخل، فقد مرت الأمة بهذه المسميات أيام حركات التحرر الوطني العربي، فلجأت إلى مسميات مختلفه عن مسميات اليوم لكنها تعمل بنفس المعيار الأول لصالح الإستعمار، فحينها كانت رياح التغيير تنطلق من القومية العربية والناصرية والبعثية والاشتراكية والشيوعية التقدمية، والديمقراطية الشعبية، إلى جانب المسميات الثورة المضادة ومنها، أمبريالي، ورجعي، يميني، يساري، ووو .
فجعلتنا تلك المسميات نخوض أشرس الحروب فيما بيننا، بل كانت مجازر بحق الشعوب، حتى مزقت النسيج الاجتماعي وتفككت عندنا اللحمة الوطنية .
وهكذا فالأعداء يرقصون على تلك المسميات التي يغذونها في كل مرحلة، فقد كان أغلب الناس في المرحلة القديمة تتبع رياح التغيير على نهج تلك الفئات...
واليوم وصل الأمر ممن يقود البلاد إلى تلك المسميات، مثل، الفئة الضالة، وتلك الشلل العلمانية، والتكفيرية، وهكذا، فلماذا لا يلجأ هؤلاء الحكام إلى الحوار مع تلك المسميات؟ فإذا كانت لها مطالب تتنفذ وهذا من حقها، واذا كانت غير ذلك، فالحوار أجدر بإقناعهم وردهم إلى الصواب...
لكن للاسف لابد من دفع التكاليف التي تظل عالقة في كل مرحلة، وحينما نتوجس النهضة ، تتنفس الصعداء تلك الفئات التي تم إقصاء أكثر رجالها، واذا كانت الفرصة سانحة أمامها يعود الصراع والانتقام الذي لا ينتهي، وهكذا نعيد الأخطاء بكل مرحلة .
إن الدول المتطورة لايجمعها حتى اللغة الواحدة ولا الدين الواحد، بل هي قوميات متعددة لكنها تتعايش في وئام؛ لأنها لجأت إلى الحوار مع الكل تحت عقد إجتماعي أو دستور يتوافق عليه الجميع، على اختلافهم، حيث لا يجمع بينهما إطار يحوي أهم الركائز الأساسية للدولة ...
على عكس ما نحن فيه ، فنحن نعيش الإستعداد على الدوام للحروب. بل نتقاتل ونعيد الماضي بنفس صوره السابقة، للأسف الشديد.
إن الذي يحافظ على هذا الصراع اليوم وأمس، هو عدم وجود الدولة إلى اليوم في الوطن العربي، ورموزها الوطنية التي تعمل من أجل الامة، أما بإزاحة تلك الرموز بالقوة من الخارج المستفيد على يد الداخل العميل، أو تلك العقول المتهورة والمندفعة، التي تفهم الوطنية بالمقلوب، والمشكلة الكبرى أن تلك العقول المتهورة والمندفعة، تتحكم باغلب المنظمات الجماهيرية ،والمجتمع المدني، والعسكري والسياسي، فأصبح الكل منهم يسير وفق تلك العقول المتهورة، لا يعرفون إلا هواهم ، فكان ما كان من تفكك العرب وضعفهم الاقتصادي والعسكري والسياسي...