العلم حقٌّ… لا امتياز الفقير بين مطرقة الجهل وسندان التعليم الخاص
بقلم: صفاء المليح
في وطنٍ أصبح فيه التعليم تجارة، والمدارس الحكومية مجرد أسماء منسية، يقف الفقير حائرًا أمام مفترق طرق مظلم:
هل يزج بابنه في مدرسة حكومية مهترئة بلا معلم ولا تعليم؟
أم يستدين، ويتحمل ما لا طاقة له به، ليلحق طفله بركب من ظفروا بمكانٍ في مدرسة خاصة؟
لقد تدهور التعليم الحكومي حتى صار الطالب يحمل حقيبةً بلا محتوى، ويدخل صفًا بلا شرح، ويخرج من المدرسة كما دخلها… بلا علم، بلا فهم، بلا أمل.
صفوف مزدحمة، معلمون مغلوبون على أمرهم، مناهج مهملة، وانعدام كامل لأبسط مقومات التعليم السليم.
في المقابل، بات التعليم الأهلي حلمًا لا يبلغه إلا المقتدرون.
رسوم باهظة، واشتراكات موسمية، وتكاليف تنهك الأسر الفقيرة التي بالكاد تقدر على تأمين وجبة يومها.
في بلدٍ أنهكته الحروب والفساد، أصبح التعليم الخاص هو الطريق الوحيد للنجاة، لكنه طريق مغلق أمام الفقراء.
فإلى أين يتجه الفقير بابنه؟
هل يتحمل عبء الجهل ويترك طفله للمجهول؟
أم يصرخ من الأعماق: "هل من يكفل أطفالي بحقهم في التعليم؟ هل من يسمع أنين الفقراء؟"
نحن لا نطلب ترفًا، نحن نطالب بحقّ.
التعليم ليس خيارًا… التعليم حياة.
فإما أن ننهض بالمدارس الحكومية، ونمنح أبناء البسطاء ما يستحقون،
أو نفتح لهم أبواب التعليم الخاص بقلوبٍ رحيمة وبرامج تكفل كرامتهم وحقهم في المعرفة.
فهل من مجيب؟!
أنظروا حولكم…
كم طفلًا يقف عند بوابة مدرسة خاصة ينظر إليها كأنها حلم بعيد؟
كم أمٍ تبكي لأنها لا تملك قيمة التسجيل؟
كم عقلٍ يُطفأ كل يوم لأننا سمحنا للجهل أن ينتصر على الفقر؟
أيها الأغنياء…
أيها المسؤولون…
أيها التربويون وأصحاب القرار…
لا تجعلوا الفقر جريمة يُعاقب عليها الأطفال.
كفلوا لهم حقًّا بسيطًا: مقعدًا، وكتابًا، ومعلّمًا لا يخذل أحلامهم.
لا نريد صدقة… نريد عدلًا.
لا نريد فضلًا… نريد إنصافًا.
لا نريد أن نُعامل كمتسولين على أبواب المدارس… نريد أن نُعامل كأصحاب حق.
فالعلم حقٌّ… لا يجب أن يكون امتيازًا يُمنح للأغنياء فقط.