الدولة المدنية الحديثة مدخل للعدالة والتنمية والسلام!!

لا ترفض الدولة المدنية وجود الدين، بل تعتبره ركيزة أساسية لتهذيب أخلاق المجتمع وتشذيب سلوك أفراده، ولكنها تعارض استخدام الدين كأداة للسيطرة السياسية، أو توظيفه لخدمة أغراض غير وطنية تقود في النهاية إلى خلق فجوة في المجتمع أو تشرذم أهلي، لأن الأساس الذي تقوم عليه الدولة المدنية المواطنة المتساوية، والتعاطي مع مختلف الأفراد على قدم المساواة بقطع النظر عن انتماءاتهم العرقية والقومية وخلفياتهم الدينية والطائفية، في مجتمع يتسم بالتسامح الديني وقبول الآخر.
وكما أن الدولة المدنية لا تعارض الأنشطة الدينية، فأنها تشدد في ذات السياق على أهمية ألا تتحول تلك النشاطات إلى وسيلة لصنع التطرف، كون التطرف يقود بالضرورة إلى العنف والتفكك الاجتماعي وظهور النتوءات وسقوط الدول، إذ لا تطرف في ظل الدولة المدنية أي كان نوعه؛ (سياسي - ديني - عرقي - فكري - اجتماعي)، فالدولة المدنية ترتكز على مدنية الحياة العامة، ورفض مظاهر التعصب، للوصول إلى مجتمع عادل ومستقر، تتسيده القوانين التي لا تستثني أحد.

تضمن الدولة المدنية تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. 
أن وجود نظام مدني يقود إلى الاستفادة من مختلف الفرص الممكنة، لخلق تنمية شاملة ترتقي بالبلد والإنسان على مختلف الأطر.
كما يسهم وجود الدولة المدنية في قيام نهضة تعليمية شاملة في البلد، وانتشال الإنسان من مستنقع الفقر والتخلف، وضمان التوزيع العادل للثروة، وعدم احتكار السلطة، بل وانتقالها بصورة سلسة، مما يمنع حدوث الفوضى وأعمال العنف.

تمثل الدولة المدنية رمزا للحرية والعدالة والاستقرار، وعلى مجتمعاتنا العربية، إذا رغبت في الخروج من طائلة الفوضى والاقتتال الأهلي التي تطغى على طبيعة الحياة فيها، العمل على تمدين الحياة العامة، وتبني النموذج المدني في الحكم، ورفض أسلوب الحكم التقليدي الفوضوي، الذي يعكس بدائية وتخلف المجتمعات التي تتبناه.