المقدم هاني الصبيحي.. سيرة مقاتل لا يلين وراية لا تنكسر

حينما تنظر إلى ميادين الشرف، وتبحث عن أولئك الذين سطروا المجد بدمائهم لا بأقلامهم، وعن الذين لا يتقدمون الصفوف إلا ليصنعوا النصر، لا ليشهدوه، فإنك حتما ستقف أمام اسم لا يذكر إلا مقرونا بالشجاعة والإقدام .. المقدم هاني محمد قاسم الصبيحي ،لم يكن رجلا في قائمة الحضور، بل كان الحضور نفسه، لم يكن رقما في سجل الحرب، بل كان العنوان الأبرز في كتاب البطولة، هو من أولئك الذين لا يعرفون التراجع، ولا يرفعون الرايات البيضاء، بل يرفعون راية الوطن على سواعدهم، ويشدون بها عزائم الرجال.

منذ اللحظة التي تشكلت فيها نواة المقاومة في جبهة خور العمير، كان المقدم هاني الصبيحي في قلب الحدث، لا يكتفي بالمراقبة من بعيد، بل يتقدم الصفوف، كتفا بكتف مع القادة الشهداء، الشهيد العميد الركن طه علون البره البوكري الصبيحي، والشهيد الشيخ علي حسن الأغبري الصبيحي، أولئك الذين رسموا بدمائهم خريطة الخلاص من المليشيات الحوثية الإرهابية، وكتبوا للأرض نشيدا جديدا عنوانه، "لن تمروا".

في معركة تحرير جبل خرز، كان المقدم هاني صخرة تتحطم عليها أطماع الانقلابيين، قاتل بشراسة الأسود، وتقدم بخطى الواثق نحو المجد، لا يهاب الموت، بل يصادقه في سبيل الحياة الحرة الكريمة لشعب يقاوم الظلم والاستعباد.

ولم يكتف بجبل خرز، بل كان من أوائل المقاتلين الذين اقتحموا خط عمران ،مصنع الحديد، تحت قيادة البطل اللواء الركن أحمد عبدالله التركي .هناك، في جحيم الرصاص والنار، أثبت أنه من طينة القادة الذين لا تهزهم العواصف، بل يصنعون منها انتصارات.

وفي معركة قاعدة العند الجوية، كانت بصماته واضحة، مشاركا في تحريرها من براثن المليشيات، وممسكا بخيوط النصر بإقدام وجسارة، ومن هناك، مضى إلى المندب وذباب ومعسكر العمري، حيث كانت كل طلقة يطلقها، وكل خطوة يخطوها، تكتب سطرا جديدا في ملحمة الكرامة.

لم تكن المعركة وحدها ميدانه، بل تولى مهاما أمنية وعسكرية وضبطية، وأثبت في كل منها كفاءة نادرة وقدرة فائقة ،عين قائدا لحرس البنك المركزي في لحج، فكان الحارس الأمين على المال العام، كما هو المدافع الشرس عن الأرض ،ثم التحق بقوات العمالقة، وشارك في تحرير المخا ومعسكر خالد والجبلية ، حتى وصل إلى كيلو 16 في الحديدة، حيث أصيب في أثناء المعارك، فأسعف إلى عدن، وتعافى من جراحه، لكنه لم يستكن، ولم يرتض لنفسه الراحة، فعاد إلى الجبهة كمن يعود إلى بيته، وكأن المعركة قدر لا يفلت منه.

وفي أتون المعارك ضد الروفض المجوس، ظل صامدا، مقاتلا، مؤمنا بقضيته، حتى بعد تشكيل قوات درع الوطن، حيث تولى مهمة عمليات قاعدة العند الجوية، ثم ارتقى إلى موقع العمليات الرئيسية لقوات درع الوطن، ليكلف أخيرا في هيئة العمليات المشتركة لوزارة الدفاع، ممثلًا لقوات درع الوطن ، المقدم هاني الصبيحي، هو سيرة وطن بأكمله، تكتبها البندقية، وتختمها دماء الرجال الأوفياء، هو من أولئك الذين يرفضون أن يكونوا عابرين في المعارك، بل يصنعونها، ويفرضون شروطها، ويخطون نهايتها ،هو رجل من نار... لا يلين... يحمل على كتفيه ذاكرة الدم، وراية لا تعرف الانكسار، ومن يقرأ سيرته، يدرك أن النصر لا يولد صدفة، بل يصنع على أيدي رجال كتب لهم أن يكونوا في قلب المعركة، لا على هامشها ..لك من الأرض تحية، ومن السماء دعاء، ومن التاريخ مجد لا ينسى.