على هامش كلمة أبي عبيدة

الكلمة التي ألقاها الناطق الرسمي باسم كتائب عز الدين القسام - أبي عبيدة - والتي بثتها قناة الجزيرة على شاشتها يوم أمس الجمعة الموافق:م 18-7-2025 كانت تحمل في طياتها عدة دلالات و معاني وأبعاد .. فلم يكن أبدا خطاب أبي عبيدة على هذا النسق وبهذه الوتيرة وليس كسابق عهده هذه المرة .. حيث يلاحظ الأسى والمرارة تخرج من ثنايا الكلمات ، وتشعرك بحجم البلاء والشدة والألم الذي يحيط بالمقاومة .. وذلك في كل عبارة وكل جملة ، وفي كل خلجة ، وكل إئيماءة في خطابه .. فالكلمة كانت متلفزة ، وليست سمعية كما عهدنا من قبل .. وكأنه الخطاب الأخير إلى الأمة ، وما بعده " فإما حياة تسر الصديق ، وإما ممات يغيظ العدى " .

أما ماهو أشد وقعا على نفوس المسلمين ، ويقظ مضجعهم في هذا الخطاب أن أبا عبيدة لأول مرة منذ بدء هذه الحرب الظالمة .. يحمل - بتشديد الميم - رقاب النخب المسلمة ، والأحزاب والعلماء يحمل رقابهم أيتام غزة ، وجوعاء غزة ، ودماء أهل غزة ، بل ووسع أبو عبيدة دائرة التبعة والمسؤلية لتشمل رقاب كل من يملك أن يقدم شيئا لأهل غزة ولم يقدمه ، وأعلن في حسم ووضوح أنهم غرمائهم أمام الله يوم القيامة .

فهل يعقل أن تجد إسرائيل كل أنواع الدعم المادي والمعنوي واللوجستي .. بينما تعجز أمة المليار مسلم أن تمد أهل غزة بشربة الماء وكيس الطحين .. والحديث لأبي عبيدة أيضا . 

ونحن نقول على رغم الأسى والألم والحزن والشعور بالخذلان الذي تخلل كلمة أبي عبيدة .. إلا أن ذلك كأنه من علامات قرب النصر .. بل هي علامات النصر بعينها بإذن الله .. فسنن الله لا تتبدل .. و سنن الله تخبرنا في القرآن الكريم أنه حينما تبلغ القلوب الحناجر .. وحينما يبلغ الخذلان مداه .. وحينما يستنفذ المجاهدون الموحدون المرابطون في سبيل الله كل مابحوزتهم من أسباب النصر .. وحينما لايكون هناك منجأ ولا ملجأ من الله إلا إليه .. حينها يكون نصر الله .. ليستيقن المجاهد حقية قول تعالى"إنما النصر إلا من عندالله " .

ولعل الله أراد .. أراد أن يكافئ أهل غزة نظير ماقدموه من تضحيات جسام وتحملوا وحدهم فاتورة وتكاليف هذه الحرب .. فلعل الله أراد أن يبلسهم وحدهم تاج النصر وحدهم لايشاركهم فيه أحد من أمة المليار التي خذلتهم .. فأنى لأمة تستحق نيل شرف تحرير بيت المقدس أولى القبلتين ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم .. وهي التي عجزت عن تقديم شربة الماء للمدافعين عنه وتركتهم يموتون عطشا وجوعا .. فلعل الله يريد لأهل غزة وحدهم نيل هذا التكريم وهذا الشرف العظيم .

اللهم نصرك المؤزر وفتحك ألمبين لأهل غزة .