رجال يقاتلون بلاغطاء.
بقلم: موسى المليكي .
حين تُرك محور تعز يواجه مصيره وحيدًا، بلا دعم من حكومة عاجزة، ولا تمويل من تحالف يتشدق بالتحرير، لم يكن ذلك مجرد تقصير… بل خيانة مكتملة الأركان.
سبعة عشر آلاف جندي تُركوا للجوع، بعد أن كانت الجبهات تضم خمسة وثلاثين ألفًا.
لا تسليح، لا ذخائر، لا حتى مستلزمات صمود… جبهات عارية في وجه الموت، ومقاتلون يقاتلون بأمعاء خاوية وسلاح متهالك.
محور تعز هو الوحيد الذي حُرم أفراده من أقل الحقوق، فلا ألف ريال سعودي، ولا إكراميات، ولا احترام، وكأنهم يقاتلون خارج جغرافيا الدولة وخارج حسابات الكرامة!
راتب الجندي في هذا المحور لا يتجاوز 70 ريالًا سعوديًا، بينما تصل رواتب الجنود في بقية المحاور إلى 1300 ريال سعودي، مع دعم وإكراميات متواصلة.
أما التسليح، فلا وجه للمقارنة: بقية المحاور تمتلك ترسانة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، بينما محور تعز يقاتل بما تبقى من السلاح وما جادت به الحاجة.
كل ذلك في الوقت الذي يخوض فيه محور تعز معارك في أكبر جغرافيا مواجهة، وأخطرها، وأكثرها فتكًا بالحوثيين.
ثم يُلام هذا المحور لأنه لجأ لضريبة القات؟!
أليس من العار أن تُترك جبهة تقاتل الحوثي لتبحث عن قوتها من ضرائب السوق؟
ألم يكن من الأجدر أن تُسند وتُدعم، لا أن تُحاصر وتُخذل؟!
والأنكى من ذلك، أن يخرج بعض الإعلاميين والمسؤولين لينبحوا علينا بنغمة "الفساد" و"الحفاظ على الإيرادات"، بينما لم يسأل أحدهم نفسه: أين تذهب إيرادات باقي المحافظات التي لا تورد فلسًا واحدًا إلى خزينة الدولة؟!
هؤلاء لا يجيدون إلا جلد الذات، والنفاق السياسي، والثرثرة من خلف المكاتب.
يتحدثون عن "وطنية" هم أول من خذلها، و"شرعية" هم أول من خانها.
لو كان فيهم ذرة ضمير، لصمتوا خجلًا من رجال يقاتلون بلا غطاء… لكن خيانة الجبهات أسهل لديهم من خيانة الأقلام.