شاهد على العصر مجزرة زنجبار 23 يوليو 2009   

في صيف 2009، كنت قد نزلت إلى أبين لقضاء الإجازة من عملي كمدرّسة في مدرسة بدر بيافع. كنت أحتاج للعودة إلى مدينتي، لا لشيء سوى لاستنشاق بعض الطمأنينة بين أهلي وأحبابي. لكن أبين لم تستقبلنا بالأمان... بل بالدم.

في صباح 23 يوليو، اجتمع أبناء الجنوب في مدينة زنجبار في مهرجان سلمي للحراك الجنوبي. كنت هناك، وسط الحشود. وجوه الناس كانت تحمل الأمل، لكن عيونهم كانت تعرف الخطر. فجأة، تحولت الهتافات إلى فوضى، وتحولت الساحة إلى مرمى رصاص من الأمن المركزي التابع لنظام صالح.

سمعت الطلقات تتوالى كأنها لا تريد التوقف. رأيت شبابًا يسقطون، ودماءً تغطي الأرصفة، وامرأة تصرخ تبحث عن ابنها. في لحظة، سقط الشهيد محمد سالم علوي "سمن"، أحد رموز الحراك، قنصًا أمام الجميع. كأنهم أرادوا إسكات الرمز قبل أن يسكت الصوت.

استُشهد يومها ما لا يقل عن 18 روحًا نقية، وأُصيب أكثر من 50 شخصًا بجراح، بعضهم ما زالت آثارها تروي وجعهم حتى اليوم.

هؤلاء بعض من الشهداء الذين حملوا الجنوب على أكتافهم يومها:

الخضر ناصر سعيد السعيدي

 أحمد حسين الشنيني

صالح طالب محسن

عبدالكريم عيدروس الفضلي

 عبدالله محمد أحمد الحرشاء 

علي سالم صالح الغاز 

علي فضل مثنى حسين

 عوض محمد أحمد الدابية

 محمد سالم علوي "سمن"

 محمد صالح عبدالقوي اليزيدي 

محمد صالح قائد القطيبي

 محمود محمد مثنى القطيبي

 مهدي عمر بن عمر القعيطي

 هادي مقبل صالح المارمي

 قاسم السيد المارمي 

وقد تُوفي البعض لاحقًا متأثرين بجراحهم، ليصبح العدد الحقيقي للمجزرة أكثر من 20 شهيدًا.

واليوم، وبعد 16 عامًا، نطرح سؤالًا لا يموت:  

كيف نبيع دماءهم؟ كيف نساوم على وجع أبنائهم الأيتام؟ كيف نطوي صفحة لم تُغلق؟

المجزرة لم تكن خطأً سياسيًّا، بل كانت جريمة ضد الإنسان والهوية والحق. وكل من يحاول نسيانها إنما يحاول كسر البوصلة التي تشير إلى الكرامة.

لأبين السلام، ولشهدائها الوفاء، ولجنوبنا ذاكرة لا تُمحى.