حديث مع "الملك حسين" عن الجنوب 

في إحدى المرات، ومنذ سنوات، كنت جالسًا مع أحد القيادات الجنوبية البارزة، وأخذ يحكي لنا قصة غريبة ومليئة بالعِبر. قال:

في أعقاب أحداث 13 يناير، قمنا بزيارة إلى المملكة الأردنية الهاشمية. وفي إحدى الجلسات الرسمية، حضرنا لقاءً مع جلالة الملك الحسين بن طلال – طيّب الله ثراه – وكان ضمن الحضور رئيس الوزراء الجنوبي حينها، الأستاذ حيدر أبو بكر العطاس.

بدأ اللقاء بكلمة من العطاس، عبّر فيها عن امتنانه لجلالة الملك، وأشاد بدعمه لجهود المصالحة بين أبناء الجنوب، ورغبته في تجاوز الخلافات وبناء مستقبل مشترك. ثم أضاف قائلًا: “نحن في اليمن الجنوبي نتعرض لمؤامرة دولية كبيرة، والوضع الداخلي شديد التوتر. لم نعد نملك خيارات كثيرة، ونحن مرغمون على مواجهة هذا المخطط العالمي الذي يستهدف مشروعنا الاشتراكي واستقرار المنطقة.”

هنا، قاطعه الملك حسين بهدوء وحزم، وقال: “اسمع، لا توجد مؤامرة عليكم. أنا أعرفكم منذ تأسيس دولتكم، أنتم من يتآمر على نفسه. تقتلون بعضكم، وتتنازعون على السلطة، وتُهلكون شعبكم. التنمية ليست من أولوياتكم، ومصالح الناس ليست في حساباتكم.

حزبكم، في حقيقته، لا يحمل مشروع بناء، بل مشروع صراع. أنتم ترفعون شعارات البندقية والقتال، لا شعارات الدولة والتنمية. لا أحد يتآمر عليكم، بل أنتم من تُغرقون أنفسكم في دوامة من الفشل والتدمير الذاتي.

المشكلة أنكم ستُورِّثون هذا الوهم لأبنائكم، وسينشأ جيل جديد يعتقد أن العالم كله يتآمر عليه. والحقيقة أن لا أحد يفكر في التآمر عليكم، الكل يتمنى لكم الخير، ويتمنى أن تكونوا جزءًا طبيعيًا من هذه المنطقة، ومن نسيجها الاجتماعي والسياسي.

لكنكم، بهذا السلوك، لا تختلفون كثيرًا عن دولة إسرائيل: أنتم تعيشون خارج السياق، وتفرضون توترًا على محيطكم، بدلًا من أن تكونوا عنصر استقرار واندماج.