أبين... حيث الظلام لا ينام، والحر يحاصر الأرواح

بقلم: صفاء المليح 

في أبين، لا تغيب الشمس فقط خلف الأفق... بل تغيب معها الكهرباء، والرحمة، والحياة.

البيوت هنا لا تنطفئ أنوارها فحسب، بل تنطفئ فيها الأنفاس، وتذبل الوجوه، ويذوب الصبر مع كل لحظة تمر.

في النهار، يغدو البيت كأنّه صندوق مغلق على نار. الجدران تشتعل، الأسقف تلفح، والهواء ثقيل حدّ الاختناق. أما في الليل، فلا شيء يبرد... الحر باقٍ، والظلام كثيف، وأصوات البعوض والمولدات تصنع سمفونية من العذاب.

في بعض الزوايا، أطفالٌ يحاولون النوم تحت مروحة بالكاد تتحرك، وآخرون يتقلبون على حرارة الأرض.

وفي زاوية أخرى، بيوت مضاءة بأنوار الشمس المشتراة... بطاريات، ألواح، ومراوح تدور كأنها في عالم آخر.

هنا في أبين، لا شيء عادل... لا حتى الهواء.

في أبين، تنقسم الحياة إلى طبقتين:

من استطاع أن يشتري "الضوء"، ومن يعيش على أمل رجوعه.

من ينام بسلام، ومن يسهر يتصبب عرقًا، يراقب أطفاله يتقلبون من حرارةٍ تسكن الجلد والعظم.

ومع كل هذا، يصمت الناس.

لا لأنهم راضون، بل لأن الصراخ لا يُسمع، والشكوى لا تُجدي.

اعتادوا الألم، وأصبحوا يختنقون في صمت، كأنهم خلقوا ليعيشوا بين لهبٍ لا يُرى، وعتمةٍ لا تنتهي.

هل هذه حياة؟

هل كتب على أهل أبين أن يكونوا ضيوفًا دائمين في الجحيم؟

أليس من حقهم أن يعيشوا كما يعيش غيرهم؟

أين الإنصاف حين تصبح الكهرباء سلعة، لا حقًّا؟

وحين يصبح النور رفاهية، لا ضرورة؟

وحين يصير الحر سببًا للموت البطيء في زمن الصمت الكبير؟