غزة تنتظر جوابك

في زمن تتخم فيه موائد الأغنياء، وتتآكل فيه أضلاع الأطفال في غزة؛ يصبح الحديث عن المسؤولية الإنسانية والإسلامية فرضا؛ لا رفاهية. في زمنٍ يُستخدَم فيه الجوع سلاحا؛ يصبح السؤال المؤلم: هل لا زلت ترى نفسك من أمة محمد ﷺ؟ سؤالا حقيقيا لا شعارا.

لقد قال نبي الرحمة ﷺ: «ليس منا من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم». عبارة تقطع كل تسويف، وتفضح كل تخلٍّ، وتضعنا أمام أنفسنا بمرآة الصدق: هل نحن من أمة محمد حقا؟ أم من الذين خذلوه بخذلان الجوعى والمظلومين؟

محمد ﷺ لم يكن يكتفي بالدعاء للفقراء؛ بل كان يُشبعهم. وقصة اللبن وأهل الصفة، لم تكن البركة مجرد معجزة؛ بل درس في العطاء. وفي قصة جابر وطعام الخندق، كانت البركة في نية الإيثار.

وعثمان رضي الله عنه باع قافلة لله؛ لا لتجار المدينة. وعمر رضي الله عنه كان يقول لبطنه: "لن تشبعي حتى يشبع أطفال المسلمين". وعمر بن عبد العزيز يطعم الطير خشية أن يُقال: جاع طير في بلاد المسلمين.

هؤلاء سادتُنا، ولم يكن إيمانهم دعوى؛ بل سلوك؛ فمن منا أطعم أسيرا؟ أطعم جائعا؟ أو حتى نملة؟!

ما يحدث في غزة ليس فقرا عارضا؛ بل حصار متعمد، وجوع مخطط؛ جثث الأطفال ليست من الحرب فقط؛ بل من الجوع. والمؤلم أكثر من الجوع، هو الصمت! صمت العرب، وصمت الحكومات، وصمت الشعوب أحيانا...

الجوع أداة استعمار حديث؛ يُستخدم لكسر الشعوب لا لقتلها. والمسؤولية لا تقع على الحكومات وحدها؛ بل على الأمة كلها، كل فرد، كل بيت، كل طالب، كل مسجد، كل مؤسسة...

لا تحتقر جهدك، ولا تبرّئ نفسك بالعجز. وإليك بعض الوسائل العملية:

- تبرع مالي؛ ولو بشق تمرة.

- دعم المؤسسات الموثوقة.

- جمع الطعام الزائد وتوزيعه.

- تحريك الرأي العام عبر وسائل التواصل.

- مبادرات طلابية ومدرسية ومجتمعية.

- ولا تستهين بالدعاء؛ فقد قال ﷺ: «دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب».

غزة ليست وحدها؛ الجوع ينهش أطفال اليمن، ونساء السودان، ولاجئي سوريا، ومشردي الصومال... والواجب لا يتجزأ، ولا يُقسَّم حسب الجنسيات.

قال ﷺ: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا»؛ فهل تُشدّنا صرخات الجوعى؟ أم أننا لا نسمع إلا صوت ملاعقنا على الصحون؟

أيها القارئ الكريم! هل لا زلت ترى نفسك من أمة محمد ﷺ؟ هل تستطيع أن تسمع حديثه: «ليس منا من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم»، ثم تبتسم وأنت تأكل؟ أو تنام وأنت تعلم؟

الجواب ليس بكلام؛ بل بعمل.

إذا لم تُواسِ الناسَ في البأس والندى ** فما أنتَ في سِلمٍ لهم بأخِي

رجاءً! أجب على هذا الحديث بيدك؛ لا بلسانك! أجب عليه بما في قلبك؛ لا بما في هاتفك!

وغزة تنتظر جوابك.

ودمتم سالمين!